أعربت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكسي وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكسي عن أسفهما لحادثة خطف مطران حلب والإسكندرون للروم الأرثوذكسي بولس يازجي ومطران حلب للسريان الأرثوذكسي يوحنّا ابراهيم وهما في طريق عودتهما إلى حلب من مهمة إنسانية، كما لأية عملية مشابهة تطالب المواطنين بغضّ النظر عن انتماءاته.

وفي بيان أصدرتاه، ناشدت البطريركيتان خاطفي المطرانَين لاحترام حياتهما اللذين وصفتهما بأنهم "رسولا محبة في العالم، يشهد لهما عملهما الديني والاجتماعي والوطني"، ودعتاهم إلى "التعامل مع هذه الحادثة المؤلمة بعيدا عن أيّ تشنّج لا يخدم في النهاية إلا أعداء الوطن".

وأشارت البطريركيتان إلى أنّ "المسيحيين في هذه الديار هم جزء عضوي من نسيج الشعوب التي ينتمون إليها، وهم يتألمون مع كل متألم، ويعملون كسعاة خير لرفع الظلم عن أيّ مظلوم، متخذين من تعليم إنجيلهم القدوة بأنّ المحبة هي أساس تعامل الناس بعضهم مع بعض"، واعتبرتا أنّ المواقف الرسمية التي صدرت عن المقامات الروحية في الكنائس، على اختلافها، هي خير دليل على ذلك، كما تأتي المهمة التي كان يقوم بها المطرانان المخطوفان في هذا السياق.

ولفتت البطريركيتان، في بيانهما المشترك، إلى أنّ المسيحيين في هذا المشرق يأسفون لما تتعرض له بلدانهم من عنف يباعد بين أبناء الوطن الواحد، ويعرّض حياة الآمنين لأخطار عدة، يشكّل الخطف أحد أفظع أوجهها لما فيه من عبثية، واستباحة لحياة الأفراد العزّل. وإذ ناشدت البطريركيتان الخاطفين احترام حياة الأخوين المخطوفين، دعتا الجميع للكفّ عن كل الأعمال التي من شأنها أن تزرع الشقاق الطائفي والمذهبي بين أبناء الوطن الواحد.

بطريركيتا الروم والسريان الأرثوذكسي أعربتا عن تفهّمهما للقلق الذي يثقل نفوس المسيحيين من جراء حادثة كهذه، ودعتاهم إلى التصبّر، والتشبث بمقتضيات إيمانهم، متّكلين على الله الذي تكمن قوّته في في ضعفاتنا، معتبرين أن الدفاع عن أرضنا يكون أولا بالثبات فيها، وبالعمل على جعلها أرض محبّة وتعايش. وأكدتا أنهما تدركان أيضا أن مواطنين من كلّ الطوائف يعانون الألم نفسه من جرّاء أعمال مماثلة، معلنتين أنهما تصليان لكي يقوّيهم الله في محنهم، وتشدّان على أيديهم كي يرفعوا جميعا الصوت عاليا لرفض كل أنواع العنف الذي يمزّق أجساد أوطاننا ويدمي قلوبنا.

ودعت البطريركيتان العالم بأسره كي يسعى جاهدا إلى إنهاء المأساة الجارية في سوريا الحبيب حتى تعود روضة محبة وأمان وتعايش، "فلا تأتي المعادلات السياسية على حساب إنسان هذه الديار"، ودعتا الكنائس المسيحية في العالم كي تقف أمام الأحداث الجارية وقفة صلبة تشهد لايمانها بفعل المحبّة في العالم، فتتخذ خطوات من شأنها ترجمة رفضهم لكل أنواع العنف التي يتعرّض لها إنسان المشرق اليوم.

واغتنمت البطريركيتان الفرصة لتناشدا شركاءهما في المواطنة، من المذاهب الاسلامية كافي، كي يتضافروا فيعلنوا ويعملوا على رفض المتاجرة بالانسان كسلعة سواء كان ذلك عبر جعله درعا بشريا في القتال، أو سلعة مقايضة مالية أو سياسية.

وتضرعت البطريركيتان ختاما إلى الله، في هذه المواسم المباركة، كي تنتهي هذه المأساة بسرعة، وتعود الطمأنينة إلى نفوس الجميع، وتنعم بلادنا بما تستحق من ازدهار وسلام.