في الوقت الذي كان فيه الكثيرون ينتظرون ما سينتج عن مؤتمر جنيف 2 المقرر عقده الشهر المقبل، من دون تحديد موعد نهائي، جاء القرار الأوروبي برفع الحظر المفروض على الأسلحة للمعارضين السوريين، مع استمرار تطبيق بقية العقوبات التي فرضت منذ عامين على النظام، ما يؤشر إلى أن الإتجاه العام نحو تصعيد المعارك العسكرية، لا البحث عن حل سياسي.

الرد الروسي على هذا القرار لم يتأخر كثيراً، حيث أعلن نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف أنه قد يُضعف من فرض مؤتمر السلام الذي تحاول روسيا والولايات المتحدة تنظيمه، فما هو مصير هذا المؤتمر؟ وهل يبحث الأوروبي عن دور له بالتسوية المزمع عقدها أم أن سوريا على موعد مع حمام دم كبير في الأيام المقبلة؟

التوازن المطلوب

لم تتأخر قوى المعارضة السورية في التعليق على القرار الأوروبي الأخير، حيث رأت أنه "غير كافٍ" ويأتي "متأخراً جداً"، ما يعني أن هذا القرار قد يكون أصبح من دون جدوى من وجهة نظرها، لا سيما أن تنفيذه مؤجل إلى شهر آب المقبل.

ويؤكد الناطق باسم "الإئتلاف الوطني السوري" ​لؤي صافي​ أن هذا القرار خطوة إيجابية، ويعتبر أن من الممكن أن يسهل الوصول إلى حل سياسي للأزمة، ويرى أن دخول السلاح إلى القوى المعارضة سوف يخلق نوعاً من توازن القوى مع النظام يدفعه الى الموافقة على الحل، الذي يشدد على أنه يجب أن يتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، لأن الشعب السوري لا يمكن أن يبقى بهذا النظام بعد كل الجرائم التي أرتُكبت.

ويعتبر صافي، في حديث لـ"النشرة"، أن النظام يرى أن موازين القوى العسكرية لا تزال حتى اليوم لصالحه، وهذا الأمر واضح من خلال المعارك التي تحصل على أرض الواقع، ويشدد على أن التغيير في هذا الموضوع بات ضرورياً.

في الجهة المقابلة، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوري ​معد محمد​ أن هذا القرار يلغي كل ما يمكن الإتفاق عليه في مؤتمر جنيف، ويؤكد أن كل تسليح سوف يقابله تسليح مقابل يفوقه بالكم والنوع.

ويشير محمد، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنه عندما يتحدث الأوروبيون عن التسليح يعني ذلك إعترافهم بطريقة مباشرة بدعمهم الجماعات التكفيرية الأصولية، ما يؤكد أنها ليست خصماً لهم بل هي حليف، ويعتبر أن كل ما سينتج عن هذا القرار سيكون برسم الدول الأوروبية مجتمعة، اضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي لا يعتبر أنها بعيدة عن جو هذا القرار.

مؤتمر جنيف في مهب الريح والكلمة الآن للميدان

على الرغم من هذا القرار الأوروبي، يعتبر البعض أنه لن يؤدي إلى سقوط كل محاولات التسوية السياسية بشكل مطلق، وإن كان سوف يضعفها في المدى المنظور، لأن من الواضح أن هناك فريقاً يريد تحسين ظروفه اليوم قبل الذهاب نحو التسوية.

وفي هذا السياق، يؤكد صافي أن القرار لا يقضي على فرص نجاح مؤتمر جنيف بل على العكس من ذلك، ويرفض القول أن هذا الأمر سوق يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا، حيث يرى أن حمام الدم في سوريا موجود نتيجة ممارسات النظام من الأساس، وبالرغم من إعترافه بوجود مخاوف محقة، يعتبر أن هذا السلاح قد يُستخدم في سبيل الدفاع عن المدنيين.

أما بالنسبة إلى إحتمال بحث الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي عن دور مفقود، لا يمانع صافي من حصول ذلك، بل يعتبر أن مثل هذا الدور مرحب به إذا كان سيوظّف لمصلحة الشعب السوري، ويعرب عن أسفه لأن النظام حوّل الحوار السياسي إلى صراع دولي.

من جانبه، يشدد محمد على أن أي طاولة حوار لا يمكن أن تُعقد بعيداً عن طاولة الجغرافيا، ويعتبر أن الهدف الأساسي من هذا القرار هو محاولة فرض واقع جديد على المفاوضات السياسية، ويرى أن طريق أي تسوية معبد بالسلاح والموت، ويلفت إلى أن هناك إرادة دولية لا تريد الحوار في سوريا إلا من خلال السلاح، لكنه يؤكد أن "الحقيقة التي يفرضها ​الجيش السوري​ على أرض الواقع سوف تعلم الأميركي جمال التسويات".

من جهة ثانية، يرفض محمد القول أن الأميركي بعيد عن جو هذا القرار، حيث يؤكد أن الأوروبي لا يستطيع القيام بهذا الأمر من دون موافقته، لأنه من الناحية العملية يعلم أن الأميركي يستطيع حرمانه من النفوذ في مناطق أخرى، بحال أراد أن يفرض عليه واقعاً معيناً في سوريا، ويرى أن الموضوع يأتي في سياق التناغم بين الدورين.

في المحصلة، لا يعدو القرار الأوروبي الأخير إلا محاولة من أجل الضغط على النظام السوري للتنازل أكثر، خصوصاً أن موقف الأخير بات أقوى بعد النجاحات العسكرية التي حققها على أرض الواقع، وهذا ما دفع المعارضة السورية إلى القول صراحة أن القرار جاء متأخراً.