في معقل تيار المستقبل، حيث خزانه البشري، وصِف رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري بـ«أبي رغال». لم يعترض احد على هذه الصفة. ابو رغال الشخصية التاريخية التي خانت العرب يوم غزيت بلادهم لهدم الكعبة قبل 15 قرناً. امس كان الحريري في الطريق الجديدة ابا رغال عصرنا. اما جيش ابرهة الحبشي، فهو الجيش اللبناني، والكعبة كانت... عبرا، إذ «كيف يمكن لابي رغال هذا العصر أن يطرح فكرة التمديد (لقائد الجيش) بينما الجيش يقتل ابناء عشيرتنا؟»، يقول مسؤول اللجنة المركزية في حزب التحرير صالح سلام. هذه العبارة لم تمر مرور الكرام على مسامع الحاضرين، الذين جاؤوا بدعوة من حزب التحرير ـــ ولاية لبنان للتضامن مع الشيخ أحمد الأسير أمام مسجد الإمام علي في طريق الجديدة. يسأل أحد الحاضرين الرجل الواقف بقربه: «قصدوا سعد الحريري، صح؟». يومئ الرجل رأسه بالإيجاب. يبتسم السائل ويقول: «ايه بدو ياها». امس لم يرفع المعتصمون ابناء طريق الجديدة اعلام تيار المستقبل الزرقاء. وقف الجميع تظللهم راية واحدة، راية الاسلام السوداء المكتوب عليها «لا اله الا الله». خارج جامع الامام علي وقبل المهرجان التضامني مع الاسير، لم يكن احد يستمع إلى ما يقوله خطيب الجمعة. الجميع هنا مهتم بقطع الطريق لمنع مرور السيارات امام الجامع. شباب المنطقة اصحاب الرؤوس الحامية لم يكونوا في وارد الصلاة او الدخول الى الجامع. كل همهم هو معرفة من سيأتي ليلقي خطاباً في مهرجان حزب التحرير. بالطبع الاسير لن يكون حاضراً ليخطب فيهم. معظم الموجودين هنا مقتنعون بأن كل ما جرى في عبرا سببه «حزب ايران» كما يصفون حزب الله. فـ«حزب ايران هو من اطلق القذائف على نقاط الجيش». و«حزب ايران هو من شارك مع الجيش في القتال ضد الشيخ الاسير».

بعد صلاة الجمعة يقترب الحضور من المنصة. يبدأ المهرجان بأيات من القرآن، لكن لم يكن احد يستمع. صرخ الجميع «الله يحميك.. شيخ الاسير». ألحقوها بـ«إرهابي إرهابي حزب الله إرهابي». كل هذا والقارئ لا يزال يتلو آيات قرانية. يصرخ عريف المهرجان فيهم «يا اخوة بدنا نسمع القرآن». يهدئهم بكلمة «تكبير». يرد احدهم ساخراً: «تنين كولا واحد بربير». يعتلي صالح سلام المنصة. يقول ان «المؤامرة اميركية ايرانية بمشاركة حزب ايران وابناء ابي رغال في لبنان لضرب السنة ومنع قيام دولة الشام». لم يطل الخطاب كثيراً. يسحب احد الحاضرين المايكروفون من المنظمين. يبدأ بشتم حزب الله. يطفئ مهندس الصوتيات الصوت معلنا انتهاء الاعتصام. يتوجه بعض الحاضرين حاملين الرايات السوداء الى دراجاتهم النارية. يجوبون منطقة الطريق الجديدة صارخين «بالروح بالدم نفديك يا أسير».