على الرغم من المواقف الكثيرة التي أطلقها الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ خلال زيارته الرسمية إلى لبنان، يبقى الموقف من ​السلاح الفلسطيني​ داخل وخارج المخيمات هو الأهم، لكن "أبو مازن" لم يقل أي شيء جديد على هذا الصعيد، حيث أعلن الموقف نفسه في زيارته السابقة إلى لبنان، ومن القصر الجمهوري أيضاً، لكن الجديد هو دخول جزء من هذا السلاح في الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة صيدا.

أمام هذا الوضوح في الموقف الفلسطيني، يبقى السؤال عن الأسباب التي تحول دون سحب هذا السلاح، وعما إذا كان الأمر أكبر من الإرادتين اللبنانية والفلسطينية.

القرار لا يشمل جميع الفصائل الفلسطينية

لا يمكن فصل المواقف التي أعلنها الرئيس الفلسطيني عن الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلدة عبرا مع الإرهابي أحمد الأسير، لا سيما أن هذه الأحداث هي أحد أبرز أسباب هذه الزيارة، بعد تدخل مجموعات فلسطينية بالمعارك مع الجيش اللبناني إنطلاقاً من مخيم عين الحلوة.

يستطيع عباس القول أن أبناء المخيمات يلتزمون بالقرارات التي تصدر عن الحكومة اللبنانية في هذا السياق، لكنه لا يستطيع أن يتحدث باسم هذه المجموعات. من وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر لا توجد ترجمة عملية على أرض الواقع لهذه المواقف.

يضع منيّر، في حديث لـ"النشرة"، كلام عباس في سياق الموقف الدبلوماسي لا أكثر، وهو بالرغم من دعوته رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى المبادرة فوراً من أجل دعوة الفصائل الفلسطينية إلى تسليم سلاحها، يشدد على أن حركة "فتح" لم تعد هي المقرر الوحيد في المخيمات اللبنانية، حيث يشير إلى أن داخل الحركة نفسها هناك العديد من الخلافات، بالإضافة إلى الخلافات حول هذا الموضوع مع الفصائل الأخرى.

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين أن هذا الموقف يفترض أن يتم التجاوب معه من قبل الجانب اللبناني، خصوصاً أن عباس وضع الكرة عند الحكومة بشكل علني، وبالرغم من أنه يستبعد القيام بها في وقت قريب، يعتبر أن هذا لا يمنع التحضير لذلك من خلال القيام بالخطوات التي تساهم في تهيئة الظروف المناسبة لذلك، ويشير الى أن من الممكن أن يتم ذلك على مراحل من خلال خطة شاملة.

أما بالنسبة إلى تدخل هذا السلاح في أحداث عبرا، يعتبر الأمين، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الأمر لم يحصل بالشكل الذي كان يتوقعه الكثيرون، حيث أن ما حصل يعتبر بسيطاً، ويشير إلى أن تحركات في مناطق لبنانية كانت أكبر من ذلك.

الموضوع أكبر من الإرادتين اللبنانية والفلسطينية

على الرغم من تشديد منيّر على أن الدولة اللبنانية تتمنى أن تكون الأمور بالسهولة التي يتحدث عنها عباس، يرى أن الموضوع يتخطى الإرادتين الفلسطينية واللبنانية معاً، ويعتبر أنه قد يكون مرتبطاً إلى حد بعيد بحل القضية الفلسطينية بشكل تام.

ولا ينفي منيّر أن هذا السلاح يستعمل من قبل بعض الجهات المحلية، بالإضافة إلى إستغلال وجوده من قبل قوى دولية، ويتحدث عن وجود أفكار في الدول الغربية عن إمكانية إستخدامه في يوم من الأيام كما حصل في المخيمات في سوريا، أو من خلال الترويج أنه السلاح الوحيد القادر على خلق توازن مع سلاح "حزب الله"، بالإضافة إلى إرتباط هذا السلاح مع مشروع التوطين إلى حد بعيد.

من جانبه، يعتبر الأمين أن كلام عباس يؤكد أن قضية السلاح ليست فلسطينية بحتة، بمعنى أنها غير مرتبطة بقرار القيادة الفلسطينية فقط، بل هناك عوامل عدّة تتحكم بها، ومنها إرتباط مجموعات داخل المخيمات بقوى إقليمية ترفض تسليم هذا السلاح.

من جهة ثانية، يرى الأمين أن قوى الثامن من آذار لا تريد الوصول إلى هذه المرحلة، لأنها قد تكون مقدّمة لسحب كل السلاح الخارج عن إرادة الدولة، ويشير إلى أن "حزب الله" يضع هذا السلاح تحت عنوان المقاومة، مع العلم أن لا دور له في مقاومة إسرائيل منذ عشرات السنوات.

وعلى الرغم من إعترافه بأن هناك مراهنات على إستعمال هذا السلاح في الداخل اللبناني، يشدد الأمين على أن القرار الفلسطيني القاضي بعدم التورط في هذا الموضوع كفيل بعدم حصول ذلك.