تبددت آمال حركة "حماس" التي تعتبر جزءًا من جماعة "الإخوان المسلمين"، مع سقوط حكم الرئيس السابق محمد مرسي في مصر، بعد أن علّقت آمالا كثيرة على نجاح هذا الخط انطلاقا من مصر، لتعيش حالة من الاحباط لم تكن تتوقعها على الإطلاق، وهو ما تجلى بنأي الحركة بنفسها عن الأحداث الجارية في مصر وموجة التحريض التي طالتها، فضلاً عن التحركات العسكرية للجيش المصري على الحدود المصرية-الفلسطينية التي تمثلت في نشر الدبابات ودخول المروحيات المصرية الأجواء الفلسطينية.

كلّ ذلك يضع الحركة، التي حافظت على علاقة وطيدة مع النظام المصري السابق، في دائرة تخوفات كثيرة أبرزها تكرار تجربة إعلان الحرب مجدداً على غزة من القاهرة في ظل حكم النظام المصري الجديد الذي لا يتمتع بعلاقة جيدة معها، على الرغم من أنها مستعدة لخوض غمار مواجهة جديدة مع إسرائيل، والتصدي لها بكل قوة سيما وأن قدراتها العسكرية والقتالية أصبحت متطورة أكثر من أي وقت مضى.

علاقة تضاد ربما تدفع لعمل عسكري

وفي هذا السياق، يؤكد المختص في الشؤون الإسرائيلية ​أكرم عطالله​ أن العلاقة الأمنية بين حماس ومصر في المرحلة المقبلة ستكون في أدنى مستوياتها، لافتاً إلى أنّ التهدئة مع إسرائيل ستستمر، إذ إنّ الأخيرة مشغولة في الحدود الشرقية والشمالية التي تشكل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي.

وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح عطالله لـ"النشرة" أن حدوث تطور كبير ربما يدفع حركة "حماس" إلى اللجوء لعمل عسكري ضد إسرائيل، ويلفت إلى أنها بدأت تشعر بضائقة مالية بفعل إغلاق معبر رفح والأنفاق وعدم قدرتها على توفير الأموال وغيرها.

ويشير عطالله إلى أنّ ذلك يمكن أن يدفع الحركة باتجاه محاولة فك الحصار عن نفسها، معتبرا أن التهدئة لا يمكن أن تخترق من الجانب الإسرائيلي في هذه المرحلة، بل من الجانب الفلسطيني.

ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية أنّ ما يحكم مصر الآن يحمل التضاد مع حركة "حماس" ويجعل العلاقة معها في حالة من التضييق عليها، ويلاحظ أنّ ذلك بدأ فعلياً من خلال قيام الجيش المصري بهدم الأنفاق المنتشرة على الحدود الفلسطينية-المصرية، والسياسة الجديدة المتبعة على معبر رفح، والتي يبدو أنها لن تكون سهلة. لكنه يعرب عن اعتقاده بأن الوضع الأمني لن يذهب باتجاه صدام بين الجانبين.

خشية مصرية وتقديرات ليست في محلها

ويلفت عطالله إلى أنّ المصريين يخافون من تصاعد الأمور أكثر بين الجيش وحركة "الإخوان المسلمين" التي يعتبرون "حماس" جزءا منها، كما أنها يخشون أن تذهب الحركة لـ"مغامرة"، وبالتالي هناك خشية من عبور البعض من غزة باتجاه مصر، لكنه يعتبر أنّ هذا التقدير في غير محله، بيد أنه استدعى استقدام الدبابات على الحدود المصرية الفلسطينية تأهبا لحصول أي تطور من هذا النوع.

وتأتي تصريحات رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بإعادة احتلال قطاع غزة، ومسؤولين إسرائيليين عن أنّ "حماس" هربت كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة عبر الأنفاق، تتضمن صواريخ "غراد" وصواريخ مضادة للدبابات ومدافع وكميات كبيرة من الذخيرة، ربما مقدمة لتحضير الميدان العسكري على الحدود مع غزّة لمواجهة مقبلة، بالتزامن مع التطورات المصرية، على الرغم من أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية قالت إنّ إسرائيل قلقة من أبعاد استبدال السلطة في القاهرة على سلطة "حماس" في قطاع غزة، التي نجحت في الحفاظ على الهدوء النسبي منذ العدوان الأخير على غزة.

تنسيق إسرائيلي مصري

في إطار آخر، يؤكد خبير الأمن القومي إبراهيم حبيب أنّ ما يجري من تحركات مصرية على الحدود مع غزة يتم بتنسيق كامل بين السلطات الإسرائيلية والمصرية، ويستند للتأكيد على ذلك إلى دخول المروحيات المصرية أجواء قطاع غزة، خصوصاً أن الطيران الإسرائيلي كان يعترض دخول أي طائرة الأجواء الفلسطينية، فضلاً عن أن مصادر إسرائيلية تحدثت أنها كانت في مهمة متابعة لبعض كتائب حركة "حماس" "التي كما يدعون أنها كانت تريد مهاجمة سيناء وهذا عارِ من الصحة".

وفي حديث لـ"النشرة"، يشير حبيب إلى أنّ ذلك يأتي من باب تصدير الأزمة الداخلية المصرية إلى قطاع غزة، الذي يعتبره النظام الجديد تهديداً له وهذا فعلياً غير دقيق. ويوضح حبيب أن الحكومة المقالة في غزة، وفصائل المقاومة أثبتت أنها غير محسوبة على أحد، حتى الإخوان المسلمين، ولم يفكر الفلسطينيون على الإطلاق بالدخول إلى مصر وتهديد أمنها القومي، بل على العكس تماماً إذ كانوا ولا زالوا الحصن الحصين للأمن القومي المصري.

ويلفت خبير الأمن القومي إلى أن مصر تريد توجيه رسالتين من خلال ذلك، أولها للداخل والجيش المصري بأن هناك أعداء يتربصون بمصر ويريدون التدخل في شؤونها، والرسالة الثانية موجهة لحركة "حماس" بأن لا تقدم على أي تدخل في الشأن المصري، على الرغم من ان قيادتها صرحت بأن ما يحدث في مصر شأن داخلي ولن تتدخل فيه.

ويقول حبيب: "ما يقوم به الجيش والإعلام المصري أمر مشين، إذ انه يحاول تشويه صورة المقاومة وزج الفلسطينيين بطريقة سافرة في الصراع المصري من أجل تحقيق مكاسب سياسية وهذا لن يحدث".

ودأبت بعص وسائل الإعلام المصرية مؤخراً على تداول تصريحات وتقارير إعلامية تتهم فلسطينيين بالمشاركة في الأحداث الداخلية خصوصاً سيناء، وهو ما نفته حركة "حماس" جملة وتفصيلاً على لسان رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية.

وعملت وحدات الهندسة في الجيش المصري في الأسابيع الأخيرة على تدمير عشرات الأنفاق التي تصل سيناء بقطاع غزة، والتي لا تزال مستمرة، فضلاً عن الانتشار المكثف للدبابات المصرية على الحدود مع غزة.