كشفت "الاخبار" ان "الخلاف بين أمير "دولة العراق الإسلامية" أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي وأمير "​جبهة النصرة​ لأهل الشام" أبو محمد الجولاني وصل حدّ القطيعة. لم تُفلح محاولات التسوية وفق صيغة "لا غالب ولا مغلوب" بعد، فانعكس الخلاف شقاقاً في الميدان وتفرّقت السُبل بـ"المجاهدين". هنا مستجدات الخلاف والحل المقترح وتسريبات يصف فيها رُسل أبو بكر البغدادي "جبهة النصرة" بـ"العصابة" وأميرها أبو محمد الجولاني بـ"الجندي المنشقّ".

واشارت الى انه "بدأ يسري بين المجموعات الجهادية خلاف شرعي حيال "خطيئة" مخالفة ولي الأمر التي ارتكبها الشيخ الجولاني برفضه النزول عند رغبة أميره، مقابل من يعتبرون أن البغدادي ارتكب خطأً بإعلانه الاندماج من دون استشارة قيادة "القاعدة"، كون سوريا "ولاية مكانية" لـ"جبهة النصرة" ويرأسها الجولاني، في حين يقتصر حكم البغدادي على العراق. علماً أن الخلاف بين الجهتين مردّه رفض الجولاني عرض البغدادي بدمج الجماعتين تحت مسمّى واحد، وإصرار الأخير على الدمج ما استدعى تدخّل زعيم "​تنظيم القاعدة​" ​أيمن الظواهري​ للفصل في الخلاف، فاقترح إبقاء القديم على قدمه حتى يُقضى الأمر بشأن النزاع المستجد".

وفي هذا السياق، أكّدت مصادر جهادية لـ"الأخبار" أنّ "رسالة الظواهري التي عرضتها قناة "الجزيرة" في التاسع من شهر حزيران الماضي صحيحة مئة في المئة، كون الظواهري دعا فيها إلى "جميد الوضع على ما كان عليه قبل الخلاف لحين الفصل فيه"، طالباً إلغاء "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وإبقاء "دولة العراق الإسلامية" على اسمها وأميرها البغدادي، و"جبهة النصرة" كما هي وأميرها الجولاني، باعتبار أن كلا الشيخين أخطآ بحسب رسالة الظواهري. خطأ البغدادي إعلانه الدولة من دون مشورة وخطأ الجولاني إعلانه رفض الدولة وإعلان انتمائه للقاعدة من دون استشارة الظواهري. غير أن واقع الميدان نحا باتجاه مخالف لمشيئة الظواهري، إذ انسحب التخبّط الحاصل على مستوى القيادة على العسكر الضائعين بين تعدد الولاءات. فانقسم رفاق السلاح على بعضهم. وعزز ذلك، تنافسٌ قديم بين الظواهري والبغدادي الذي يعتبر نفسه الأوْلى بخلافة زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن. وعلى وقع تبادل التّهم بـ"مخالفة شرع الله وعدم الانصياع للفتوى الشرعية الملزمة الصادرة عن إمارة التنظيم"، خرجت فتاوى تُحرّم القتال بين الجهاديين بعدما وصل التوتّر حدّاً غير مسبوق. هكذا شُقّ صف تنظيم "جبهة النصرة" الذي يُعدّ رأس حربة مجموعات المعارضة المسلّحة التي تقاتل الدولة السورية. وعوضاً عن توحّد الصف تحت إمرة واحدة، تفرّق عسكر القاعدة بين "الجبهة" و"الدولة". فقد تناقل موقع "يوتيوب"، أول من أمس، مقطعاً مصوّراً لعملية انتحارية في مطار منّغ في حلب أعلنت "الدولة الإسلامية في العراق والشام" مسؤوليتها عن تنفيذها، علماً أن أبرز هجوم "استشهادي" نفّذته "جبهة النصرة" تمثل في اقتحام مبنى قيادة الأركان في العاصمة دمشق في أوائل آب 2012".

ولفتت الى انه "رغم التنافس السائد، لم يُسجّل بعد وقوع أي اشتباك مسلّح بين أتباع التنظيمين، علماً أنهما يتشاركان المناطق المسيطر عليها في محافظات الرقة وإدلب وحلب و​دير الزور​ والحسكة، وصولاً إلى ​ريف اللاذقية​ الشمالي مع الغلبة لصالح «الدولة الإسلامية" فيها، وكلما اقتربنا جنوباً باتجاه الحدود السورية العراقية، فيما يُسجّل الوجود الأكبر لمقاتلي "جبهة النصرة" في المناطق الوسطى والجنوبية (ريف دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة وحماه). وبحسب المعلومات، ظهر الانقسام إلى العلن عبر اعتماد المجموعات الجهادية ذات الهوى القاعدي شعارين، يعبّر كل واحد منهما عن انتماء الفصيل الذي يرفعه".

وعلمت "الأخبار" من أوساط جهادية أن "الشيخ البغدادي أوفد رسولين من قبله للمشاركة في المفاوضات الجارية لإنهاء النزاع، أحدُهما يُلقّب بـ"زناد الإسلام" الذي يُعد المنسق الخارجي لـ"دولة العراق الإسلامية"، والذي يُروّج أن "الجولاني فقد التزكية وأصبح جُندي الدولة المنشقّ"، فيما تكشف المصادر نفسها أن الشيخ الجولاني يتولّى بنفسه التواصل مع الشخصيات نفسها إلكترونياً. إزاء ذلك، تكشف معلومات الجهاديين أنّ "دولة العراق الإسلامية" تتقدم على حساب تراجع "جبهة النصرة"، لا سيما بعد مبايعتها من قبل عدد من شيوخ وعشائر وكتائب إسلامية، بينها "كتيبة الليبيين" و"جيش المهاجرين والانصار" و"مجلس شورى المهاجرين". وفي الوقت نفسه، ينقل هؤلاء أن هناك مجموعات جهادية متعاطفة مع "جبهة النصرة" كـ"لواء أحرار الشام" و"لواء أنصار الحق"، أعلنت مبايعتها للشيخ الجولاني مؤخراً. وفي هذا السياق، تنقل المصادر نفسها أنّ أتباع الشيخ البغدادي يُحرّضون ضدّ أتباع "جبهة النصرة" بوصفهم "عصبة الجولاني". ويتهمونهم بأنهم "عصاة وبُغاة ومنافقون يُريدون إسقاط رمزية الشيخ البغدادي في البلاد". وبحسب هؤلاء، فقد تطور الأمر إلى وقوع "إشكال كبير بين قيادات ومجلس شورى جبهة النصرة مع قيادة دولة العراق الإسلامية". إزاء ذلك، تنقل أوساط جهادية سورية أنّ "الجولاني تلقى رسالة جديدة من الظواهري يقترح عليه فيها، لوقف التناحر وإصلاح الأمر، إلغاء الجبهة والمبايعة مع الدولة الإسلامية"، لكن الأخير ردّ عليه بأنه ماضٍ في خياره بانتظار الفصل من إجماع قادة التنظيم.