وصل لهيب إنفجار الرويس الى مخيم برج البراجنة. شعر مسؤولو الفصائل الفلسطينية بحرارة ما ستحمله الايام المقبلة. إجتمعوا مرات عدة وتواصلوا في ما بينهم على «الداخلي». قرروا تفعيل اللجنة الامنية مجدداً، وزيادة عدد عناصرها. اتفقوا على اقامة حواجز عند مداخل المخيم، مشابهة لتلك التي يقيمها حزب الله. هذا ما اتفقوا عليه مبدئياً، لكن حتى ليل اول من امس، لم يكن هناك شيء ملموس على الارض. في تمام الثالثة فجراً، تدخل الى المخيم. لا حواجز امنية تسألك عن وجهتك، ولا من يدقق في ما تحمله. في ازقته، الانتشار المسلح الوحيد موجود امام مراكز الفصائل. لا دوريات راجلة، وكأن «الحياة حلوة». لا استنفار للمحافظة على امن المخيم قبل امن محيطه. يعترف احد مسؤولي فصائل منظمة التحرير بالتقصير الامني، ويقول: «عدم الاتفاق على مرجعية سياسية موحدة انعكس سلباً على التنسيق بيننا». ويضيف: «حالياً عملنا الامني ليس على المستوى المطلوب، اذ اننا لا نعرف من يسكن مخيمنا، ولا يمكننا تحديد ان كان بعض النازحين السوريين مقاتلين او مدنيين».

سلفيو المخيم

مع اندلاع الازمة السورية، انتقل عدد كبير من النازحين السوريين والفلسطينيين الى مخيم البرج. لم تتمكن اللجان الشعبية والامنية من احصائهم، برغم محاولاتها اعداد استمارة امنية لحصر اماكن تنقل هؤلاء داخل المخيم. بعض الفصائل تولت على نطاق ضيق التدقيق في هوية النازحين. ويقول احد ضباط الامن في منظمة التحرير انه «كانت هناك شكوك حول هوية بعض النازحين لأن حركة تنقلهم من منزل الى آخر داخل المخيم اثارت الريبة لدينا»، مؤكداً انهم «لم يتأخروا عن دفع بدلات الايجار، واحياناً كانوا يتنقلون من منزل الى اخر لا يبعد سوى مئات الامتار، وكانت هذه التنقلات للتغطية الامنية». وبرغم عملية رصد بعض المجموعات الا ان اغلب الفصائل تؤكد عدم قدرتها على السيطرة على هؤلاء لغياب التوافق السياسي حول طريقة العمل ضدهم.

غياب التنسيق والنكايات السياسية بين الفصائل جعلا مخيم البرج ملاذاً لتشكيل خلايا سلفية، ومن اقدمها واحدة تعمل بالقرب من مستشفى حيفا حيث يجتمع بعض انصار احمد الاسير. المسؤول عن هذه المجموعة اعتاد زيارة مخيم عين الحلوة. وهنا زيارة عين الحلوة ليست تهمة، لكن الشاب الثلاثيني كان في كل مرة يركن سيارته خارج المخيم ويدخله سيراً على الاقدام، متوجها الى حي الصفصاف. كثرة زياراته اثارت الريبة لدى البعض، فكان رده الدائم عليهم انه «يذهب لشراء العسل»، كما يقول احد عارفيه. تردد الرجل الى عين الحلوة ومشاركته الدائمة في نشاطات الاسير دفع بعض الفصائل الى وضعه تحت المراقبة. «حتى الآن لم نتمكن من رصد اي شيء مريب»، يقول احد الامنيين في مخيم البرج. مسؤول فصيل آخر يقول: «اعتقد انه يأخذ اكبر من حجمه، ولا يشكل حتى الآن اي خطر على امن المخيم».

حتى الان، لم يتحول مخيم برج البراجنة الى نسخة عن عين الحلوة. لا يسيطر السلفيون على احياء بعد. لم يتحركوا ضد اي فصيل موجود في المخيم، بالاضافة الى عدم وجود اي ظهور مسلح لهم. «كل ما في الامر ان بعضهم يعطي دروساً دينية داخل بعض المنازل». يضيف: «وهؤلاء لا يزالون حتى الان تحت السيطرة».

التنسيق مع الحزب «ِشغال»

ويؤكد مسؤول كبير في تحالف القوى الفلسطينية ان التنسيق لم ينقطع يوماً مع حزب الله. «بعد تفجير الرويس ارتفع مستوى التواصل بيننا». ففي هذه الفترة الانظار تنصب على مخيم البرج. وأبناء المنطقة يعتبرونه المصدر الرئيسي للسيارات المفخخة.

في مكان تفجير الرويس، طافت الوفود الفلسطينية للتأكيد على رفضها وادانتها. اما على الصعيد الامني، فقد قررت الفصائل على مواكبة اجراءات حزب الله بأخرى شبيهة في المخيم، لكن لم يحدد بعد موعد بدء هذه الاجراءات.