أخبار الكيميائي وتفاعلاته في دمشق انضمت في لبنان الى مجموع الخلافات والتباعد في وجهات النظر من "اعلان بعبدا" الى تأليف الحكومة وتوزيع مقاعدها على الافرقاء المتصارعين وغيرها من القضايا الشائكة التي يتخبط فيها اللبنانيون الذين يتابعون فصول ما يحصل في سوريا، وصولا الى لقاءات وزيري الخارجية الاميركية والروسية جون كيري وسيرغي لافروف في جنيف.

وكان الجميع في الأيام الاخيرة يترقبون موعد الضربة العسكرية ضد النظام السوري وقواعده العسكرية، واستهداف مخازن سلاحه الكيميائي الذي دخل بقوة قاعة المفاوضات.

وأثار المقال الذي كتبه الرئيس فؤاد السنيورة في مجلة "الفورين بوليسي" ردوداً.

هذا المقال استغله أفرقاء 8 آذار وماكينتهم الاعلامية والسياسية. وعندما قرأه احد أقطاب هذا الفريق طلب النسخة الانكليزية ليجري المقارنة ويتوقف عند حقيقة ما يقصده السنيورة.

وتأكيداً لهيمنة الأحداث السورية وتفاعلاتها على ملف تأليف الحكومة والضجة القائمة حيال "اعلان بعبدا" دخل السفير الاميركي ديفيد هيل وفي اول لقاء له - بعد تسلمه منصبه الجديد - ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مباشرة في مناقشة موضوع الصراع العربي – الدولي الدائر على الارض السورية.

وكان لرئيس المجلس كلام واضح في هذا الخصوص من خلال تشديده على ان الاتفاق في الشأن السوري يجب ان يكون "النهاية وليس البداية"، وان هذا الاتفاق ليس من صنع روسي فحسب بل هو اميركي ايضاً جرى وضع خطوطه في قمة العشرين في روسيا بعد "تبادل الكرة" باتفاق بين الطرفين تحت انظار حارس المرمى السوري.

ويستغرب بري هنا بشدة الاصوات اللبنانية التي تنادي بالضربة ضد سوريا والتي تشد على أيدي المسؤولين في البيت الابيض بغية الاسراع في تنفيذها.

وفي رأي بري ان الاتفاق الذي ترسم خطوطه اليوم يجب أن يتوج بمؤتمر جنيف 2، والا ستكون اسرائيل اول المستفيدين في حال عدم سلوك منطق الحوار، واستبداله بالاستمرار في القتال وحمامات الدم المتواصلة في سوريا.

والى جانب الملف السوري واهوال السلاح الكيميائي، ينتقل المسؤولون في لبنان مرة أخرى الى "اعلان بعبدا" والبيان الذي أصدرته رئاسة الجمهورية في هذا الصدد. وكيف تلقفه أفرقاء 8 و14 آذار ولا سيما "حزب الله" المعني الاول بهذا الاعلان، والذي لا يناقشه في العلن، وتصريحات نوابه والمسؤولين عنه عدا الكلام الذي قاله فيه رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والذي اعتبره في "حكم الميت" بعد النعي الذي اطلقه في حقه.

ويردد قريبون من الحزب ان بوصلته تركز اليوم على روسيا وانه عند صدور الموافقة على هذا الاعلان كان البعض غادر الاجتماع من دون حصول اتفاق نهائي على بنوده. وبالتالي ان لا تفاهم موحد على تفسير هذا الاعلان.

ومن ملاحظات الحزب على الاعلان ايضاً ان فئات سياسية لبنانية رئيسة في 14 آذار أقدمت بعد "الاعلان" مباشرة على ارسال المسلحين والاعتدة الى سوريا لنصرة قوى المعارضة، قبل مشاركة عناصر الحزب في القتال الذي دار في القصير.

وكان رعد عبر عن ذلك في موقف رسمي للحزب الذي يصر على تطبيق ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، وهذا ما جرى التأكيد عليه في بيانات وزارية لأربع حكومات، وهو مكرس على الارض، ولن يقدر أحد على محوه، وان التنسيق مستمر بين الجيش والمقاومة واصبح من المسلمات ولن يستطيع بيان او "اعلان" وقف تطبيقه. وهذا ما يعمل الحزب على تثبيته في البيان الوزاري، اذا ابصرت حكومة جديدة النور.