استحصل تيار المستقبل على قرار «شرعي» بكفّ يد مفتي الجمهورية عن «وقف العلماء» بداعي «السفه والخيانة»، وهو ما اعتبره مقرّبون من الشيخ محمد رشيد قباني «لعبة قديمة جديدة أعاد بندر بن سلطان تحريكها»

أصدر القاضي الشرعي الشيخ أحمد عساف، أمس، قراراً يقضي «بكف يد الشيخ محمد رشيد قباني عن وقف العلماء بموجب الدعوى المقامة ضده بداعي السفه والخيانة»، وهو ما اعتبره مقرّبون من المفتي «مجرد حلقة إضافية من حلقات الافتراء على سماحته».

جاء القرار بعد دعوى حملت الرقم 2297 وقدمها في تاريخ 12/9/2013 خمسة علماء دين طالبوا بـ«ضبط الوقف المستثنى المعروف بوقف العلماء، ومحاسبة متوليه سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد رضا راغب قباني وعزله، وكفّ يده عن الوقف المذكور الى حين البت في الدعوى، وتعيين متولّ مؤقت ومجلس أمناء لصيانة الوقف». كذلك تضمن نص الدعوى «محاسبة» قباني «على خيانته للوقف، وسوء أمانته، وتبديده أموال وقف العلماء المسلمين السنّة، وإثبات تعديه، ومن ثم عزله وإلزامه بإعادة الأموال المهدورة البالغة قيمتها (1195350دولاراً) ودفع بدل عطل وضرر للوقف يعادل القيمة المبددة».

واتهم المدّعون المفتي بـ«عدم إنجاز المشاريع واستكمالها»، وبأنه «ضيّع على الوقف مبلغاً مهدوراً قدره: (1195350دولاراً)»، وأن «ابن مفتي الجمهورية راغب قباني قد أعاد 550 ألف دولار إلى حساب الوقف بعد فشوّ أمر الفضيحة المالية، وقد تبيّن عدم إبراز أي عقد أو وثيقة تنظّم العلاقة بين سماحة المفتي وبين الشركتين (انترناشيونال كونتراكترز كومباني وجي 5 اللتين تنفذان مشاريع لدار الافتاء على العديد من العقارات الوقفية)، ما خلا مشروع مسجد الإمام الشافعي. إن سماحة المفتي يصرّح بأنه لم يدفع إلا نصف المستحق، ما يعني أنه لولا انتشار الفضيحة لتضاعف الفارق بين القيمة الحقيقية للمشاريع والقيمة المدفوعة. ولما كان هذا الاستنتاج يستتبع القول إن سياسة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد رضا راغب قباني في إدارة أموال الوقف تتّصف بأحد أمرين: السفه أو الغَفْلة أو الاستخفاف بأمانة الولاية على الوقف وإدارة أمواله وحقوقه (ر ه المادة 946 من المجلة في تعريف السفيه والمغفل)، والخيانة للوقف والتآمر عليه لمصلحة شخصية مباشرة أو لمصلحة عائلية)».

تشير الدعوى الى اتساع أرض المعركة بين تيار المستقبل ومفتي الجمهورية، إذ لم تعد رقعة الحرب محصورة داخل المجلس الشرعي. هذه المرة استغل التيار الازرق القضاء الشرعي ضد الشيخ قباني، واستطاع استصدار قرار ضده. الدعوى التي حركها العلماء الخمسة تضمنت الملف المالي القديم الذي حرك في وجه المفتي عند بدء سوء العلاقة مع المستقبل. وهي قدمت منذ 12 يوماً، ولم يصل خلال هذه الفترة نص الدعوى الى محامي دار الافتاء ولم يطلع على مضمونها للرد عليها. وقد أكد عساف في اتصال مع «الأخبار» أن القرار صدر أمس، وأنه لا يريد التعليق عليه، فيما لم يتبلغ أحد في دار الافتاء القرار، وعلم مقرّبون من المفتي به من وسائل الاعلام.

هذه الحملة الجديدة جاءت بعد خروج تيار المستقبل عن الإجماع الذي كان قد اتخذ خلال لقاء رؤساء الحكومات في شهر رمضان الماضي والذي قضى بتهدئة الاجواء مع المفتي حتى نهاية ولايته في آذار المقبل.

تحريك الملف المالي لقباني «لعبة قديمة جديدة» كما يصفها مقرّبون من المفتي، ويسألون: «لماذا حرك الملف اليوم مجدداً بعد مرور خمس سنوات عليه». يضيف هؤلاء أن «تيار المستقبل يعلم أن المفتي كفّ أيديهم عن دار الإفتاء وهم يريدون السيطرة على الدار وعلى الهيئة الناخبة للمفتي، خصوصاً بعد الضوء الأخضر الذي حصلوا عليه من الامير بندر بن سلطان». وتقول المصادر إن «بندر طلب من (الرئيس فؤاد) السنيورة دفع الأموال لأعضاء الهيئة الناخبة للعمل على عزل المفتي، وعندما أخفقوا في ذلك، حرّكوا الملف المالي مجدداً».

ويؤكد مقرّبون من المفتي أن القرار «قرار كيدي بامتياز، خصوصاً أن مقدّمي الدعوى على خصومة شخصية مع المفتي، كما أن القاضي عساف كان من الموقّعين على الوثيقة التي طالبت بعزل المفتي».