بات اللعب على خشبة مسرح بلوكات النفط في باطن البحر اللبناني "على المكشوف" بين الافرقاء والقوى السياسية المتنافرة الذين يختلفون عادة على تعيين مدير عام في احدى الادارات، فكيف اذا كان الموضوع في حجم ثروة تقدر بمليارات الدولارات التي تلهث نحوها "ألسنة" الشركات العالمية للتنقيب عن النفط؟ يشبه حال السياسيين في لبنان مجموعة من الصيادين قرروا الذهاب الى الغابة لاصطياد دب نفيس فتقاتلوا على جلده قبل ان يعثروا عليه، وجميعهم يعلمون مكان هذا الدب. وتحول انعقاد جلسة لحكومة تصريف الأعمال سرا" نوويا" لم يهتدِ المعنيون الى تفكيك شيفرته عند قوى 8 أولاً و14 آذار الذين ينتظرون الفريق الأول على مفترق الخلافات. يبقى الخاسر اللبناني الذي يأمل في الاستفادة من ثروة النفط والغاز هذه لتساعد في تسديد الدين العام.

ولا يمانع رئيس مجلس النواب نبيه بري في انعقاد جلسة للحكومة، وسبق له ان ردد هذا الموقف لبت موضوع النفط وتلزيمات البلوكات. ولا يرى اي مانع دستوري في هذا الشأن. ويعتبر الأمر بمثابة المسألة الوطنية التي تدخل في إطار الأمن القومي للبلد، وخصوصا ان الخطر الاسرائيلي "على الأبواب البحرية والبرية".

وردا على الممسكين برفض انعقاد الجلسة لأسباب دستورية، يقول ان الهدف غير المعلن عند هؤلاء هو عرقلة التوصل الى استخراج النفط والغاز، وان الدستور وضع لخدمة المواطنين وليس العكس. وكان هناك شبه توافق على هذه الجلسة، ثم تراجع البعض. ولذلك فهو يدعو الى اجتماعها على ان يترك أمر النقاش فيها الى الوزراء" ربما نقنع الذين لا يلتقون معنا".

ويسأل أيضاً: "هل المطلوب ان يحددوا ألوان ربطات العنق للوزراء في تلك الجلسة"؟

لماذا يشدد بري على تلزيم البلوكات الـ10؟ ينطلق من مصلحة لبنان وحماية ثروته ومنع حصول اعتداء اسرائيلي عليها. وعندما تتم عملية انتقاء الشركات، فإنها "تجفل وتتراجع" وتصبح لديها شكوك في النظرة الى تعامل الدولة اللبنانية مع هذا الملف. ويقول: "نحن في حاجة الى كل البلوكات بغية مباشرة أعمال الحفر والتنقيب في كل الآبار".

ويبدو ان أكثر ما يضايق بري هو "الضجة الدستورية القائمة والغرق في بحر السجالات التي يخوضها الافرقاء، لان الاستمرار في هذا المناخ ينعكس سلبا على صورة لبنان والثقة المطلوبة به من خلال تعاطيه في هذا الحقل".

وردا على سؤال انه هل يمكن عدم الرجوع الى مجلس الوزراء، يشير الى ان "هذا الطرح خطأ، لان الحكومة هي الممر الالزامي لمنح التعليمات والقيام بهذه المهمة. وفي شأن البلوكات الثلاثة الموجودة في الجنوب، فهو يعارض عدم تلزيمها دفعة واحدة، لانه اذا جرى الاكتفاء بالبلوك الموجود في الوسط فان اسرائيل قد تلجأ الى الاعتداء على البلوكين الآخرين. وعندما تبلّغ قبل ظهر أمس الثلثاء وهو في طريقه للقاء نظيره الايراني رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف، ان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع قال ان ثمة من يعمل على تحويل بلوكات النفط "مزارع شبعا جديدة"، سأل بري: "هل يوافقون على المساحة في مزارع شبعا؟ لقد توافقنا في جلسات الحوار على لبنانية هذه المزارع. وبعد اجتماعنا الى هذا الكلام (جعجع) أصبحنا نريد جوابا واضحا عن هذه النقطة". ويضيف: "أنا أوافق على القول ان هذه البلوكات وما تمثله هي مزارع شبعا البحرية وكما اهتممنا بالمزارع في اليابسة وما زلنا لعدم التفريط بها، فاننا نتمسك بهذه المزارع (البلوكات) في البحر".

وكان بري قال على اثر لقائه لاريجاني: "ان ما يحصل في لبنان وفي سوريا وفي المنطقة هو أمر من الضروري بمكان أن تتم معالجته بالاتصال مع الأطراف كافة وخصوصاً مع الأخوة في الجمهورية الإسلامية. كذلك فإن الديبلوماسية البرلمانية بين المجلس النيابي ومجلس الشورى الإيراني هي أمر أكثر من مهم لتقريب وجهات النظر في المنطقة وعلى المستوى الإقليمي مما يفيد لبنان والجمهورية الإسلامية في إيران، ويبقى خط المقاومة والممانعة قائمين في لبنان والمنطقة".

وكرر بري أهمية الحل السياسي في سوريا، مشيراً أيضاً الى أهمية الحل الشامل الذي يشكل وعاء الحلول السياسية في المنطقة.