خلال الأيام القليلة المقبلة، ستحتفل حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة منذ سبع سنوات بانطلاقتها السادسة والعشرين، رغم ما تعانيه من صعوبات اقتصادية وأخرى تتعلق باحتياجات الغزيين وأزمات عدة تعصف بالقطاع، إذ تبدو الحركة وحكومتها غير قادرة على مواجهة هذه الأزمات التي قالت إنها تصنع صناعة، وغالباً ما تلقي اللوم فيها على السلطة الفلسطينية في رام الله، ومصر وإسرائيل أحياناً، في إطار ما يوصف بـ"المؤامرة المحلية والدولية والإقليمية" التي تريد إغراقها في مستنقع الأزمات التي يعاني منها الفلسطينيون في قطاع غزة.

وفي وقت يؤكد فيه مسؤولون أنها فشلت في مواجهة مختلف الأزمات، ونجحت في إدارة جماعة لا مجتمع مليء بالأزمات، يرى آخرون أنها تمكنت من اجتيازها ومواجهتها وإدارتها بأقصى درجات الشفافية والحرص، ونجحت في المواءمة بين المقاومة والحكم، إلا أن الحديث عن النجاح أو الفشل يبقى هو حديث المواطن الفلسطيني الذي أصبح لا يهمه من يحكم قطاع غزة أو الضفة الغربية المحتلة، بقدر ما يهمه توفير احتياجاته وخدماته الأساسية التي غابت وأصبح البحث عنها وتوفيرها كالنحت في الصخر.

لم تنجح والأزمات تتفاقم

وفي هذا السياق، اعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ​صالح زيدان​ أن حركة "حماس" وحكومتها لم تنجح في مواجهة الأزمات التي تعصف بقطاع غزة، مشدداً على أن الدليل على ذلك أنها أصبحت تتفاقم وخاصة المتعلقة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والديمقراطي، لافتا إلى أنّ "نسب البطالة ارتفعت والأزمات تشتد على صعيد الخدمات التي تقدم للناس كالكهرباء والماء وغيرها".

وأوضح في حديث لـ"النشرة" أن كل الأمور تزداد سوءًا، مشيراً إلى أنّ نمط الاقتصاد في غزة لا يختلف عن نمطه في الضفة الغربية المحتلة، كونه غير انتاجي بل استهلاكي، ولا يوفر الحلول ولا يحدث تقدما بخطى التنمية.

واعتبر زيدان أن حالة الانقسام الفلسطيني دفعت باتجاه الاستبداد في غزة أكثر من الضفة، وأدّت إلى المزيد من انتهاك الحريات الديمقراطية وغيرها، لافتاً إلى أنّ هناك مصالح تكونت لدى أقلية داخل حركتي "فتح" و "حماس" وبات الانقسام يمثل مصلحة لهما، والحفاظ عليه يخدم مصالح ورهانات خارجية معينة، حسب قوله.

أدارات الأزمات بأقصى درجات الشفافية

ومن وجهة نظر المحلل السياسي ​مصطفى الصواف​، فإنّ أحدًا لا يستطيع أن ينكر عدم وجود أزمات، ولكن حركة "حماس" وحكومتها تديرها بأقصى درجات الشفافية والحرص على توفير كل ما يلزم للمواطن.

وأوضح الصواف لـ"النشرة" أنّ كل الأزمات التي مرّت بها "حماس" وحكومتها خلال الفترة الماضية تمكنت من اجتيازها، بل والأصعب من ذلك أنه في ظل الحصار تمكنت من مواجهة عدوانين إسرائيليين على قطاع غزة، وتمكنت من تحقيق أهدافها بل ضربت الكيان في عمقه، وهذا يعتبر إنجازا من قبلها.

وقال الصواف: "إن المواطن الفلسطيني يعلم أن الحصار والأزمات الكل فيها سواء، وهناك أطراف تشارك في حصار غزة لتحقيق أهداف سياسية وحزبية". وأضاف: "عندما يخرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمصر ويحرض على حماس وحكومتها، هو بذلك يشارك في الحصار وتحريضه في بعض الدول عليها كل ذلك نتج عنه هذا التشديد في الحصار".

وضعنا في ظروف بالغة الصعوبة

"الأزمات تصنع صناعة"، هذا ما أكد عليه نائب رئيس كتلة التغيير والإصلاح في المجلس التشريعي عن حركة "حماس" إسماعيل الأشقر، والذي اعتبر أنّ صناعتها تتم من قبل جهاتٍ محلية وإقليمية ودولية.

وفي حديث لـ"النشرة"، أشار الأشقر إلى أنّ الأوضاع والظروف التي وضعت بها حركة "حماس" وحكومتها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، بالغة الصعوبة والتعقيد، لكنها رغم ذلك استطاعت أن تصمد كثيراً ولا زالت صامدة في وجه المؤامرات، فضلاً عن أنها واءمت بين الحكم والمقاومة، سيما وأنها نادت بشعارها إبان انتخابات عام 2006 بأنها يد تبني ويد تقاوم.

وأضاف: "حماس لن تتخلى عن الحكم كأغلبية برلمانية منتخبة من قبل الشعب الفلسطيني تمتلك الأغلبية الدستورية، كما أنها حركة مقاومة تدافع عن الشعب الفلسطيني وتطالب بحقوقه".

وتابع الأشقر: "الحركة تخطت كل الألاعيب والمؤامرات التي تحاك ضدها والسلطة الفلسطينية جزء أصيل في حصار غزة، والهدف من الأزمات هو إغراقها وتضييعها في تفاصيل وأزمات الشعب الفلسطيني".

اصبروا واصمدوا

من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ​طلال عوكل​، أنّ حركة "حماس" نجحت في إدارة جماعة وليس مجتمع، لافتاً إلى أنها قدمت كل شيء لجماعتها رغم أنّ المجتمع مليء بالأزمات، ولم تفعل الحركة شيئاً لحلها، إذ أنها تطلب من الناس أن يصبروا ويصمدوا دون أن يعرفوا لماذا عليهم أن يفعلوا ذلك، على حد قوله.

وفي حديث مع "النشرة"، قال عوكل: "طال الوقت والأزمات تتفاقم ولا نستطيع أن نعفي إسرائيل من المسؤولية أيضاً، ولكن كمواطن في غزة إسرائيل موجودة هنا وفي الضفة الغربية وهناك أنواع من الأزمات كالأزمات الوطنية والاجتماعية لها علاقة بالناس كالبطالة والفقر والكهرباء والوقود والحريات وغير ذلك".

وأنهى عوكل حديثه بالقول: "لا نستطيع دائماً أن نلقي اللائمة على الآخرين، الكل يتحمل مسؤولياته، ولكن حركة "حماس" هي من تتحمل مسؤولية كل هذه الأزمات".