لم يقتصر الاهتمام بتأليف الحكومة على القوى السياسية اللبنانية فحسب، بل اصبح ايضا في موقع الصدارة في تقارير البعثات الديبلوماسية العربية والاجنبية في بيروت، بسبب عدم توصل الافرقاء الى تشكيلة في الاشهر الاخيرة من ولاية الرئيس ميشال سليمان الساعي والمتحمس الى تحقيق هذه المهمة والانجاز، منعا للوقوع في فخ الفراغ الذي يهدد اكثر من مؤسسة وموقع وصولا الى رئاسة الجمهورية.

أمس، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري الممثل الشخصي للامم المتحدة ديريك بلامبلي واستأثر بالحديث ملف الحكومة والعقبات التي تواجه تأليفها بعد غابة من الشروط والشروط المضادة بين 8 و14 آذار كالتمسك بصيغة 9 – 9 – 6 وعدم الجلوس مع "حزب الله" الى طاولة واحدة قبل ان يسحب مقاتليه من الاراضي السورية.

اطلع بري بلامبلي على "أجواء مطمئنة" تؤشر لامكان تحقيق هذا "الانجاز" الذي ينتظره اللبنانيون، اذا شاء لهم سياسيوهم تأليف هذه الحكومة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية.

من يستمع الى رئيس المجلس يشعر بأن الرجل يعمل بكل قواه للتوصل الى تأليف الحكومة، وعلى جميع القوى ألا تفوت هذه "الفرصة الذهبية". وتوقف بلامبلي مطولا عند المعطيات التي سمعها.

ويكرر بري انه مع اجراء مداورة حقيقية في الحقائب الوزارية شرط ان يطبق هذا الاجراء بسواسية على الجميع. ولا يمانع في الوقت نفسه ان يتسلم ابناء الطوائف الصغرى عدديا حقائب سيادية، بدل حصر الاخيرة في أيدي أبناء الطوائف الكبرى عدديا. ويسأل: هل الآخرون نصف لبنانيين او مواطنون من الدرجة الثانية؟ ولماذا لا يتم كسر هذه القواعد وتجاوزها لنقدم صورة حسنة أقلها في تساوي اللبنانيين؟

والمداورة في عرف بري ليست مطلوبة في الوزارات فحسب، بل يجب ان تشمل سائر المديرين العامين والوظائف لانها ليست مسجلة باسم هذه الطائفة او تلك".

ومن عناصر الاطمئنان التي يعكسها بري انه على تنسيق تام ومدروس مع رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وانهما مستمران في السراء والضراء، ولن يفترقا في تأليف الحكومة او أي استحقاق.

ولم يعد سرا ان زعيم المختارة ابلغ رئيس الحكومة المكلف تمام سلام قبل ايام انه سيواجه حكومة "الأمر الواقع"، وان تشكيلة من هذا النوع لن تحظى بنيل ثقة اعضاء كتلته في مجلس النواب والجواب نفسه تلقاه سلام من بري بطريقة غير مباشرة.

ويعني اتخاذ هذا الموقف المشترك بين بري وجنبلاط انهما في مسار واحد مهما تعرض الثاني لضغوط محلية او اقليمية.

من يستمع الى بري ايضا يدرك انه مصمم على السير بصيغة الـ8 – 8 – 8 حتى لو لم يسمِّ الثنائي الشيعي الوزير الخامس الذي سيكون من حصة الرئيس سليمان. وهو لا يحبذ التذكير بتعيين الوزير فيصل كرامي بدل وزير شيعي في حكومة الرئيس ميقاتي من أجل تأليفها آنذاك.

وكان "حزب الله" قد ابلغ سليمان انه لا يزال يتمسك بصيغة 9 – 9 – 6 لكنه سمع في اللقاء الاخير له من المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل الجملة الآتية: نحن لا نوافق على صيغة 8 – 8 – 8، لكن اذا سار بها الرئيس بري، فأبشر يا فخامة الرئيس.

ويحصل كل هذا في مقلب 8 آذار، وان تكن كل الامور لم تنضج بعد مع "التيار الوطني الحر" في شأن ارساء الموافقة النهائية على صيغة 8 – 8 – 8. ويتابع بري عن كثب ما يدور في هذا الشأن على جبهة 14 آذار.

ويقول بري: أنا من جهتي اتحمل كل المسؤولية في السير بصيغة 8 – 8 – 8.

ولذلك يبذل قصارى جهده للتأليف وايصال الحكومة الجديدة الى السرايا الحكومية، ويريدها جامعة لأنها تساعد في انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، وان من مصلحة سليمان وسلام ولا سيما الثاني، من أجل مستقبله السياسي، الابحار معا في مركب حكومة جامعة.