شهدت محاور الاشتباكات في طرابلس ليل أمس اشتباكات عنيفة، وسمعت اصوات القذائف الصاروخية بشكل كثيف، فيما قامت وحدات الجيش بالرد على مصادر النيران. وسجل سقوط قتيل وخمسة جرحى ليلاً لتصل حصيلة الاشتباكات حتى مساء أمس الى سبعة قتلى ونحو جريحاً في الاشتباكات التي اندلعت نهاية الأسبوع الماضي.

وكان هدوء حذر ساد، قبل ظهر أمس، أغلب محاور القتال مع استمرار المناوشات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتكثفت بعد الظهر عمليات القنص ما ادى الى مقتل طفل في حارة البقار، ما دفع الجيش إلى إقفال طريق طرابلس ــــ عكار الدولي أمام حركة المرور، ابتداءً من مستديرة نهر أبو علي، وصولاً إلى تقاطع طريق البداوي - العيرونية.

وسببت الاشتباكات أضراراً مادية جسيمة، فيما اغلقت المدارس والمحال التجارية في المناطق الساخنة ابوابها، وخصوصاً في سوق القمح.

ولم يحجب دخان المعارك الأبعاد السياسية لما يجري في طرابلس. وأول هذه الأبعاد، بحسب مراقبين، استياء «قادة المحاور» والمجموعات المسلحة في طرابلس من تسوية تشكيل الحكومة الجديدة، من دون حصولهم على ضمانات تتعلق بمحاسبة مرتكبي تفجيري مسجدي التقوى والسلام، وكذلك خشيتهم من أن تكون التسوية على حسابهم، وخصوصاً إذا باتوا من دون غطاء سياسي.

يضاف إلى ذلك، وفق المراقبين، ان اللواء المتقاعد أشرف ريفي، يجد نفسه بين أكثر المتضررين سياسياً من التسوية الحكومية؛ إذ بعد تعذر التمديد له مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، يخشى إبعاده عن التشكيلة الحكومية، ما يجعل خسارته مزدوجة. فضلاً عن أن دوره الأمني سيتراجع؛ لأن تأليف حكومة جامعة يعني إعادة الاستقرار إلى طرابلس قبل غيرها من المناطق اللبنانية.

من هنا جاءت القراءات المختلفة للتطورات الأمنية الأخيرة في طرابلس. فبعد ثلاثة أيام من صمت السياسيين والقوى المعنية حيال ما يجري في المدينة، تلاحقت أمس بنحو لافت المواقف المتعلقة بالوضع الأمني. فالوزير فيصل كرامي، رأى أن «ما تشهده طرابلس هو ردّ على مناخ التوافق في لبنان»، وأضاف أن «المتضررين من التقارب الحاصل بين القوى السياسية يستسهلون اللعب في الساحة الطرابلسية».

ورأى عضو المكتب السياسي في الحزب العربي الديموقراطي علي فضة، أن «المعركة التي تجري في طرابلس هي حرب من جهة واحدة، وهي معركة المتضررين من الذي قاله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ومتضررين من التسوية الحكومية».

واعتبر النائب محمد كبارة أن «حكومة الحزب الإرهابي هي التي أشعلت القتال في طرابلس كي تمنع تأليف حكومة ائتلافية تلغي من قاموس العمل السياسي اللبناني ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة». لكن اللافت في كلام كبارة هو اتهامه جهات لم يسمها،«بتوزيع أسلحة وذخائر في طرابلس بهدف إشعال المدينة واستخدام دم أهلها ومصالحهم وقوداً لمنع تأليف حكومة ائتلافية».

ولم تكد تمر ساعات على موقف كبارة، حتى أطل النائب سمير الجسر في مؤتمر صحافي لافت، إذ لم يعتد أن يطل إعلامياً منفرداً ليدلي بمواقف تتعلق بأحداث طرابلس الأمنية إلا نادراً. وفسر مراقبون إطلالته بأحد أمرين: إما لها علاقة باحتمال توزيره في الحكومة العتيدة، بحسب التسريبات المتداولة، أو أن صراع أجنحة داخل التيار الأزرق بدأ يطل برأسه في طرابلس، بخصوص التوزير وغيره، لأن الجسر ليس من الذين يطلون إعلامياً في مناسبات كهذه مجاناً.ولفت الجسر الى ان ما حصل اول من امس في طرابلس «يدعو الى التساؤل، ويمكن ان يكون هناك متضررون من تشكيل الحكومة».

واتهم الشيخ سالم الرافعي بعد اجتماع هيئة علماء المسلمين «حزب الله باستغلال نفوذه لحماية عصابة جبل محسن»، وكرر مطالبة الدولة بملاحقة الذين عملوا على تفجير المسجدين في طرابلس، مشيراً إلى ان الدولة تعرفهم «وما لم تقتص منهم فسيشعر الكثيرون بأنها لا تقوم بواجبها».