في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، منذ الإتفاق الأميركي الروسي على السلاح الكيميائي السوري، ومن ثم الإتفاق بين الدول الغربية وإيران حول ملفها النووي، هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح حول الموقف السعودي.

في البداية، لم يكن هذا الموقف مشجعاً لسياسة التسويات، التي على ما يبدو ستكون هي الطاغية في المرحلة المقبلة، لكن السعودية تبحث اليوم عن دور لها كي لا تكون خارج اللعبة الدولية.

التحول أميركي بالأساس

تشهد السياسة تغييرا دائما في المواقف، لكن حتى الآن لا يمكن القول أن السعودية إنتقلت إلى مرحلة جديدة من التعاطي مع الملفين السوري والإيراني، بالرغم من أن هناك بوادر لذلك بدأت تظهر، بحسب ما يؤكد المتخصص في الشأن الخليجي ​نضال شقير​.

من وجهة نظر شقير، التغيير الأساس هو في الموقف الأميركي، والذي على أساسه من المتوقع أن يكون هناك تحولات كبيرة في المنطقة، ويشير في حديث لـ"النشرة" إلى أن التبدل في الموقف السعودي سيكون من أجل الدخول في التسوية الكبرى، وبالتالي سيكون أقل تصلباً في المستقبل.

ويعتبر شقير أن البوصلة الأميركية هي التي تشد مواقف معظم الدول العربية إليها لا العكس، لأن الأخيرة لا يمكن أن تكون في مواجهة مع الولايات المتحدة.

من جانبه، يؤكد أستاذ العلاقات الدولية الدكتور ​وليد عربيد​ أن السعودية تتابع عن كثب التغييرات التي تحصل على مستوى المنطقة، خصوصاً أن حليفتها الأساسية واشنطن تبحث عن تحقيق مصالحها بالدرجة الأولى قبل أي شيء آخر.

ويوافق عربيد، في حديث لـ"النشرة"، على القول أن التغيير الأساس هو في الموقف الأميركي، ويشير إلى أن السعودية حاولت أن تطرق البوابة الأوروبية من أجل الحفاظ على مواقفها من ملفات المنطقة، واكتشفت أن القارة العجوز لن تكون في مواجهة مع الولايات المتحدة.

السعودية تريد مواكبة التحولات

على صعيد متصل، لن تبقى السعودية بعيدة عن التحولات التي تجتاح المنطقة، هي ستسعى إلى أن تكون في قلبها بأسرع وقت ممكن، حتى ولو كانت تسعى إلى تحسين شروطها، كرفضها مشاركة إيران في مؤتمر جنيف الثاني الذي سيبحث في مصير الأزمة السورية على سبيل المثال.

في هذا السياق، يدعو شقير إلى التنبه إلى أن موقف الدول الخليجية ليس موحداً في المرحلة الراهنة، حيث يعتبر أن الموقف السعودي هو الأكثر تشدداً، في حين يليه الموقفان الإماراتي والكويتي، ومن ثم القطري الذي يغرّد وحيداً ويشهد تحولات جذرية في سبيل العودة إلى لعب دور الوسيط الذي نجح فيه، أما الموقف العُماني فهو الأكثر إنفتاحاً، ولا مشكلة لديه في العلاقة مع إيران.

ويتوقع شقير أن تتطلب التحولات المقبلة تغييراً في التركيبة السعودية، لا سيما على صعيد دبلوماسية المملكة التي أصبحت هَرِمَة، بالإضافة إلى تغيير في العديد من الشخصيات، وبالتالي لن يكون وزير الخارجية سعود الفيصل ولا مدير المخابرات بندر بن سلطان في الواجهة، ويشير إلى أن هذا الأمر سيحصل بعد التسوية التي ستكون سوريا أساساً فيها، إلا أنه يشدد على أن ذلك لا يعني تراجع حدة الصراع في المنطقة، لا سيما بين إيران والسعودية.

بدوره، يشير الدكتور عربيد إلى أن السعودية كانت تبحث عن خلق محور عربي، تحت مظلة الولايات المتحدة، يتبنى خيار السلام على أساس المبادرة العربية التي أقرت في الجامعة العربية في بيروت، كما أنها كانت تتبع استراتجية في الأزمة السورية تبين أن المجتمع الدولي لم يعد يريد الاستمرار بها، لا سيما بعد أن لمست الدول الغربية أن هناك تهديداً لأمنها القومي بالدرجة الأولى ناتج عن تنامي الجماعات الأصولية المتطرفة.

ويؤكد الدكتور عربيد أن السعودية تريد اليوم الدخول في التسويات التي يتم التحضير لها لقضايا الشرق الأوسط، ويشير إلى مخاوف لديها أيضاً من الجماعات المتطرفة، بالرغم من أنها كانت ربيبتها.

في المحصلة، لن تبقى السعودية بعيدة عن أجواء التسويات التي تعم المنطقة بالرغم من التحفظ الذي تبديه في الوقت الحالي، ولكن هل سيكون التغيير في سلطتها المطلوب لمواكبة التحولات شاملاً؟