رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ "ان تحقيق اهداف ثورة الأرز يستوجب على فريقنا السيادي في 14 آذار السعي لتبوّء كل المراكز الرسمية في الدولة بكل تصميم وجدية وشفافية، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية التي هي رأس السلطة ورمز الدولة في لبنان، وذلك عبر ترشيح وايصال شخصيةٍ سيادية صلبة مناضلة من صفوفه الى سدة الرئاسة"، مشيراً الى "انّ مهمّة 14 آذار الأساسية في الوقت الحاضر تكمن في بلوغها سدّة الرئاسة، بغية تصحيح مسار الأحداث، وانتشال لبنان من واقعه المرير، وإقامة الدولة المنشودة".

وردّ جعجع على القائلين " ان انتخاب رئيس قوي ممكن أن يهدد الاستقرار في هذه المرحلة"، مؤكدا ان "الرئيس القوي هو الضمانة الوحيدة للاستقرار الفعلي والمستدام لأنّه سيعكف منذ اللحظة الأولى لانتخابه على قيام دولة قوية، ان الرئيس القوي هو الوحيد القادر على رعاية الحلول الكبيرة والمستدامة وليس مجرّد إدارة الأزمة وإطالة أمدها".

وسأل "من هو مرشّح 14 آذار؟ وقال: "إن الجواب سهل جدّاً: كلّ مرشّحي 14 آذار هم مرشّحونا جميعاً، ومن الطبيعي أن يتقدّم مرشّح على آخر تبعاً لحجم تمثيله وقدرته على مواجهة الواقع القائم. هذه هي الديمقراطية، وهذه هي الروح الموضوعية"، مشددا على ان "نجاح اي فردٍ من 14 آذار بالوصول الى موقع الرئاسة، هو انتصارٌ لكل واحدٍ منّا، كما ان إخفاق 14 آذار في تحقيق ذلك، هو بدوره، إخفاقٌ لكل واحدٍ منّا".

وفي الشأن الحكومي، اعتبر جعجع "ان مشكلتنا مع الحكومة الحالية تتعلق بوجود تناقض بنيوي بين مشروعين اجتمعا تحت سقفها: مشروع الدولة ومشروع الدويلة. واحدٌ من ذهب والآخر من خشب، لقد عارضنا تشكيل حكومة تناقضات على هذا الشكل من الأساس، لأننا اردنا الا يختفي الذهب خلف الخشب فتضيع قيمته، بل ان يبقى الذهب ذهباً ويبان الخشب ويتأكّد خشباً"، مشيراً الى أن "الخلاف حول البيان الوزاري، ليس مسألة تشاطر لفظي او اختلافٍ في الصياغة الإنشائية، وإنما هو انعكاسٌ طبيعي لهذا التناقض بين المشروعين، فالمشروع الذهبي يسعى الى إعادة القرار السياسي والعسكري الى الدولة بمفردها، اما المشروع الخشبي فيسعى الى انتزاع القرار السياسي والعسكري منها أكثر فأكثر".

وعن الحق في المقاومة، قال: "باطلة كل مقاومة تكون خارج إطار الدولة وقرارها وسلاحها"، معتبرا ان "ما يسعى اليه حزب الله هو ليس أن يكون جزءاً من الدولة، وإنما أن تُصبح الدولة برمتّها جزءاً منه، وهذا ما هو فاعله منذ سنوات طويلة وحتّى الساعة، وهذا ما سنواجهه حتى قيام الساعة".

وفي كلمة له خلال الذكرى التاسعة لانطلاق ثورة الأرز وحركة 14 آذار في البيال، أضاف: "إن تجارب اللبنانيين السابقة والحالية مع حزب الله وحلفائه تُثبت أنّهم لا يقيمون أيّ اعتبارٍ للدولة اللبنانية ولمستقبل اللبنانيين وامنهم، ولا حتى لالتزاماتهم وتعهداتهم بالذات. فهم يريدون الدولة مجرد دولة صورية مسخّرة لخدمتهم، يسلبونها مواردها، يحتكرون قرارها السياسي والعسكري، ويجهزون يومياً على ما تبقّى لها من هيبة، لقد اوصد حزب الله وحلفاؤه ابواب النقاش على البيان الوزاري، حتى قبل ان يبدأ النقاش اصلاً، منذ اللحظة الأولى التي رفضوا فيها أي نقاش حول سلاحهم، و منذ اللحظة الأولى التي نعوا فيها إعلان بعبدا".

وأكّد جعجع "أن اختصار المشاكل الصعبة التي يعاني منها لبنان منذ زمنٍ طويل، بموضوع التكفيريين الإرهابيين دون سواه، لا يُعبّر بدقّة عن حقيقة الواقع اللبناني، صحيحٌ ان موضوع الإرهابيين هو كابوسٌ جثم على صدور اللبنانيين في الأشهر الماضية، ولكن اللبنانيين لم يكونوا في حلم وردي قبل ذلك: فمسلسل الاغتيالات، والفلتان الأمني، والسلاح غير الشرعي وما تأتّى عن ذلك من شلل مؤسساتي وتورّط في حروب خارجية، وجدت كلّها قبل الأشهر الأخيرة في لبنان وعبّدت الطريق، بشكلٍ أو بآخر، أمام الإرهاب والإرهابيين".

ورأى "إن معالجة عوارض المرض من دون معالجة أسبابه الجوهرية تبقي الأوضاع المتأزمة على حالها، فأصل المرض يكمن في تدني مناعة لبنان بحكم وجود طرفٍ يصادر بسلاح غير شرعي قرار السلم والحرب، ويستبيح سيادة الدولة ويضرب عرض الحائط بالدستور والقوانين والأعراف وإرادة اللبنانيين".

وقال: "إن حزب الله لم يستشر اللبنانيين عندما تورّط في سوريا، ولكن ارتكاباته تجعلهم يتحمّلون تبعات هذا التورّط. لا يمكن لحزب الله أن يستمر بهذا التورط، ويطلب بعدها من اللبنانيين تكوين " صحوات" للدفاع عنه. ولا يمكن لحزب الله أن يذهب الى مقاتلة السوريين، ثمّ يأتي الى اللبنانيين ويحاول إقناعهم بأنّ السوريين سيهاجمونهم بكافة الأحوال، بحجة وجود التكفيريين"، مشددا على ان "الحركات التكفيرية موجودةٌ في المنطقة والعالم منذ عشرات السنوات، ومع ذلك فإنها لم تنفذ عملية إنتحارية واحدة على الأراضي اللبنانية إلاّ بعد تورّط حزب الله في سوريا، فكفى غشّاً!"

واعتبر جعجع :"ان تورّط حزب الله في سوريا، لم يستدرج التكفيريين الى لبنان فحسب، وإنما ساعد النظام السوري على تهجير مئات الآف السوريين الى لبنان ايضاً، وهو ما يُنذر بعواقب اجتماعية واقتصادية وديموغرافية وخيمة"، سائلا "هل يعي حزب الله خطورة هذا التورّط على وجود الكيان اللبناني بحد ذاته؟ ام ان ما كُتب في ايران لا بد وان يُنفّذ بحذافيره ولو على حساب لبنان؟"، معتبرا ان "حزب الله لا يُقاتل تكفيريين في سوريا لأنهم تكفيريون، وإنما لأنهم ضد نظام بشّار الأسد حصراً".

وتابع :" ثم من قال بأن حزب الله يُقاتل التكفيريين، وليس غالبيةً لا تكفيرية مُعتدلة من الشعب السوري، يُمثلّها الائتلاف الوطني السوري والجيش السوري الحر، حيث سبق لها ان عبّرت في اكثر من مناسبة عن توقها لقيام دولةٍ مدنية ديمقراطيةٍ في سوريا، وليس دولة الخلافة او ولاية الفقيه، وها هي هذه الغالبية تقاتل اليوم التكفيريين، ويسقط لها ضحايا بالآلاف في هذا القتال، بينما حزب الله يقاتلها على جبهات أخرى".

وأشار الى أن "حزب الله يُهلل للتكفيريين الفعليين عندما يكونون في خدمة الديكتاتوريين، ولكنه يُكفّر المعتدلين ويُعاملهم كتكفيريين عندما يكونون ضدّ الديكتاتوريين وفي خدمة الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها"، وقال: "وفي الوقت الذي اراد فيه حزب الله حماية التكفيريين الحقيقيين في الـ 2007، كان هو نفسه يُعامل حكومة 14 آذار وجمهورها في 7 ايار 2008 معاملة التكفيريين. إذا كان ثمّة من يواجه الإرهابيين في العمق اليوم، فهم ليسوا الديكتاتوريين والشموليين، وإنما من وقف بوجه الديكتاتوريين والإرهابيين منذ البداية".

وأضاف :"حتّى اللحظة، يتعامل نظام بشار الأسد مع التكفيريين فوق الطاولة وتحتها، بينما السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة وأكثرية دول مجلس التعاون الخليجي تضعهم على لائحة الإرهاب"، لافتاً الى أن "مشكلة حزب الله والنظام السوري ليست مع الفكر التكفيري بحدّ ذاته، وإنما مع كل فكرٍ يُعارض استراتيجية النظامين السوري والإيراني، حتى ولو كان فكراً معتدلاً بامتياز كفكر رفيق الحريري أو سمير قصير أو بيار الجميّل أو محمد شطح."

وأكّد "ان مكافحة التكفيريين من الجهة الأولى، تفترض أولاً مكافحة الديكتاتوريين وحلفاءهم الأخطر، في الجهة المقابلة. التكفيريون الذي ظهروا اخيراً ليسوا سوى مفعولٍ رجعي للدكتاتوريين الأساسيين الذين دمرّوا الأشرفية وقنات وبحمدون وزحلة وطرابلس وعين الرمانة، واغتالوا صحافيين وسياسيين، واخفوا مدنيين وعسكريين، ولا يتورّعون عن إبادة شعب بأكمله بالبراميل المتفجرة تارةً، وبالأسلحة الكيميائية تارةً اُخرى، وبالعمليات العسكرية المختلفة مرّات ومرّات". معتبر ان "الإرهابيين الأساسيين والأصيلين هم شبكة سماحة- المملوك، وهم الذين فبركوا شريط التكفيري الوهمي ابو عدس، وهم الذين وضعوا المداميك الأولى لتنظيم داعش، وهم الذين اضطهدوا مسيحيي لبنان ومسلميه على مدى 4 عقودٍ، وما زالوا. الإرهابيون الأساسيون والأصيلون هم الذين رعوا لعشرات السنوات خلايا التكفيريين، وأمّنوا لهم الملاذ الآمن، والطعام، والشراب، والتدريب، والتجهيز، وأرسلوهم لممارسة الإرهاب في أماكن بعيدة ليستعملونهم فيما بعد عملة مقايضة مع الغرب"، وقال: "إذا كان هذا هو البديل الموعود عن نموذج الإنتحاريين، فبئس النموذجان معاً. إن بديلنا الوحيد عن كل النماذج التكفيرية مجتمعةً، هو نموذج الحرية والديموقراطية والمواطنة والمساواة وحقوق الإنسان وقيام الدولة في لبنان، كما قيامها في سوريا".

وأوضح ان "تباين وجهات النظر داخل 14 آذار حول المشاركة في الحكومة، لا يتعلق بمسألة تبوّء المراكز الرسمية، وإنما بمبدأ الدخول في شراكةٍ سياسية مع حزب الله تُغطّي له ارتكاباته فيما عمليات القتل مستمرة، وفيما هو يُمعن بانتهاك سيادة الدولة، ويمتنع عن تسليم متهميه، وينغمس في تورطه داخل سوريا اكثر فاكثر، ويرفض بالمقابل تقديم اي تنازلات، او إعلان نوايا، ولو حتى لفظياً، مشرّعا أبواب لبنان أكثر فأكثر أمام الإرهاب والإرهابيين".

واعتبر "ان تحقيق اهداف ثورة الأرز يستوجب على فريقنا السيادي في 14 آذار السعي لتبوّء كل المراكز الرسمية في الدولة بكل تصميم وجدية وشفافية، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية التي هي رأس السلطة ورمز الدولة في لبنان، وذلك عبر ترشيح وايصال شخصيةٍ سيادية صلبة مناضلة من صفوفه الى سدة الرئاسة. إنّ مهمّة 14 آذار الأساسية في الوقت الحاضر تكمن في بلوغها سدّة الرئاسة، بغية تصحيح مسار الأحداث، وانتشال لبنان من واقعه المرير، وإقامة الدولة المنشودة".

وتوجّه جعجع الى شابّات وشبان ثورة الأرز بالقول :"لا تلينوا ولا تقبلوا إلاّ برئيس للجمهورية قوي من صلب الحركة الاستقلالية وثورة الارز، ومن صلب ١٤ آذار. لا تتهاونوا، ولا ترضوا برئيس تسوية يريدونه ضعيفاً طيّعاً، يساوم ولا يقاوم، يتراجع ولا يواجه، يكرّس لبنان جمهورية ضعيفة مترهّلة تفتقر لدولة فعلية. يا شابّات وشبّان ثورة الارز لا تترددوا، ولا تقبلوا الا برئيسٍ من لبنان اولاً، وللبنان اولاً واخيراً."