تجزم مراجع دبلوماسية بأنّ مخرج المواجهة بين قوى «8 و14 آذار» لن يكون إلّا بمعادلة اقليمية ودولية، فرهان بكركي ومعها مسيحيّو «14 آذار» على رئيس «صُنع في لبنان» بدأ ينهار بمجرّد سعي العماد ميشال عون الى التقارب غير الطبيعي مع تيار «المستقبل»، وهو خيار لا يمكن بلوغه إلّا بتفاهم إيراني - سعودي. فما الذي يضمن أنّ عون سيقطف هذا التفاهم؟

بات من الواضح أنّ جلسة كاملة الأوصاف الدستورية لإنتخاب رئيسٍ للجمهورية لن تنعقد قبل انتهاء المواجهة بين "8 و14 آذار"، والتي تجلَّت بأبهى مظاهرها بين مرشحيهما الى الدورة الإنتخابية الأولى الدكتور سمير جعجع والورقة البيضاء وما "فرَّخته" من أوراق "سود" تعويضاً عن زج إسم عون في مواجهة مباشرة يتحاشاها مع جعجع.

ويقول العارفون إنّ الإتصالات التي تلت الأربعاء الماضي لم تغيّر شيئاً لا في الأحجام ولا في المواقف، فإستقرت على الأصوات التي فرزتها الجلسة ما لم تتقدم المفاوضات الباحثة عن صيغةٍ ما تُخرج الرجلين من المعادلة الرئاسية بعدما أحرقهما بعض الأخطاء المتبادَلة التي ارتكبها الطرفان عن قصد او غير قصد.

وجاءت هذه المعادلة نتيجةَ معلومات متوافرة عن سعي عون الى خرقٍ في صفوف "14 آذار" عبر التركيز على بناء تفاهم مع تيار "المستقبل"، طالما أنَّ هذا التفاهم يبدو متعذّراً مع الوسطيين والناب وليد جنبلاط الذين يمكنهم في حال أيّدوا ترشيح عون توفير النصاب القانوني والدستوري المطلوب، وأصوات نصف اعضاء المجلس زائداً واحداً بلا الحاجة الى أصوات جنبلاط ومعه الوسطيون.

لذلك، شكَّك كثر يواكبون إتصالات عون ومعه القريبون منه يتقدمهم وزير الخارجية جبران باسيل الذي يتنقل بين العواصم الغربية والعربية بحكم موقعه الحكومي، في امكان الوصول الى تفاهم مع "المستقبل" على خلفياته الإقليمية والسعودية تحديداً ما لم يُنتجه تفاهم بين الرياض وايران قيد الصياغة بكل وجوهه الإقليمية والدولية، ولبنان أحد الملفات المطروحة.

وعلى رغم النفي الذي يصرّ عليه بعض قادة "التيار الوطني الحر"، فقد أقرَّ آخرون أنّ السعي قائم لمدّ الجسور الرئاسيّة الى بعبدا مع "المستقبل" ويعاونهم في ذلك مَن يمتلكون بعض خطوط الإتصال الإقليمية والدولية بما فيها تلك التي تؤدي الى طهران والرياض. ويراهن الساعون الى هذا الخرق الكبير على صفقة يتمّ التحضير لها بين العاصمتين اللتين تحتاجان الى حوار بينهما لإقفال ملفات عدة عالقة، والتي دنت ساعة التفاهم في شأنها ويمكن أن تكون على قاب قوسين او ادنى من التحقق.

وفي المعلومات أنّ جدول أعمال أيّ لقاء ايراني - سعودي قد يعقد، أنجز ويتصل بالملفات التي سيحملها رئيس مصلحة تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني قريباً الى الرياض للبحث فيها وهي تتصل بالإنتخابات العراقية مع السعي الى معالجتها قبل إنتخابات 25 ايار المقبل للتخفيف من الضغوط السعودية على نوري المالكي، إضافة الى الوضع السوري حيث عبَّرت ايران عن رغبتها في تفهم الهواجس السعودية مما يجري فيها، وصولاً الى الوضع في البحرين واليمن وقد عبرت طهران عن استعدادها للمساهمة في التخفيف من هذه الهواجس قدر الإمكان، خصوصاً ما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

ويتناول جدول الإعمال أيضاً رغبة ايرانية في تسهيل الإنتخابات المصرية ومعاونة الرئيس المقبل المشير عبد الفتاح السيسي في السيطرة على الوضع في مواجهة "الإخوان المسلمين"، وهي تراهن على دعم سعودي كبير في هذا الإتجاه في مواجهة الضغوط القطرية والتركية وهو ما تعتبره من مصالح ايران العليا.

أما بالنسبة الى لبنان، فهناك مشروع تفاهم ايراني - سعودي لتعزيز الإستقرار فيه ووقف الترددات السلبية المتوقعة للأزمة السورية الى الحدّ الأدنى، وهي تجربة خاضها البلدان من خلال تسهيل تأليف الحكومة التي جمعت انصار العاصمتين بعدما ازالت الشروط والشروط المضادة بين ليلة وضحاها.

وبناءً على ما تقدّم يسأل المطلعون: هل يضمن عون الذي يُراهن على الحوار بين الرياض وطهران أن يكون هو المنتصر، أم انّ هناك حلولاً تفتح الأبواب على سيناريوهات أخرى لا تصبّ في مصلحته؟