لم يفعل طلب القضاء اللبناني الإعدام ل​رفعت عيد​ فعله في ​طرابلس​ ولم ينعكس تهدئةً في الشارع عموماً وفي باب التبانة خصوصاً كما كان يتوقع الأمنيون ورجال القضاء. فالتصعيد من قبل أهالي ​قادة المحاور​ والموقوفين الآخرين لا يزال سيد الموقف، ومع طلوع كل فجر ينزل هؤلاء تارةً الى مستديرة أبو علي بهدف قطع كل الطرقات المؤدية اليها، وطورًا الى هذا المسجد أو ذاك للمشاركة بصلاة الجمعة التي يليها عادةً إعتصام يرفع فيه سقف التهديد والوعيد الى أعلى المستويات. هذا فضلاً عن التلويح الدائم بيوم غضب يشل عاصمة الشمال ويهز أمنها من جديد.

أكثر ما أزعج هؤلاء خلال الأيام القليلة الماضية، وما رفع من منسوب غضبهم، ما نقل اليهم عن رفعت عيد، عندما جاء أحدهم يبلغه بأن القضاء اللبناني طلب له الإعدام مع مطلوبين آخرين من جبل محسن، كيف ردّ ببرودة أعصاب "أنا ألعب الداما الآن، وبعد القرار سأستمر باللعب من دون أن يتغيّر شيء". فبالنسبة لأهالي قادة المحاور، يبقى المسؤول السياسي في الحزب العربي الديمقراطي حراً طليقاً حتى لو أنه أخرج من الجبل، ومهما صدرت بحقه أحكام قضائية لن يتم توقيفه ولو للحظة واحدة، بينما يقبع أولادهم في زنزانات سجني الريحانية ورومية المركزي، يضربون عن الطعام من دون أن تتأثر الدولة بذلك ومن دون أن يرف جفن لرفعت عيد. ويقولون "قد يكون عيد، الذي يحمل الجنسية الأميركية، من أكثر المرتاحين لإخراجه من جبل محسن، إذ كان محاصراً في السابق داخل الفيلّا التي يملكها، لا يستطيع التجول في طرابلس والخروج منها إلا بعد أخذ كل ما يلزم من الحيطة والحذر، بينما يعيش اليوم حياته الطبيعية بعيداً من الضغط النفسي الذي كان يشعر به بالأمس القريب".

وبالإنتقال الى ميزان الربح والخسارة، يعتبر أهالي الموقوفين أنّ أخصامهم في السياسة ولا سيما فريق "حزب الله"، ربح أكثر بكثير مما خسره من قرار إخراج عيد من الجبل، وكذلك من القرارات القضائية الصادرة بحقه. وفي تفسير لهذا الربح، يرى هؤلاء أن قرار الإنتهاء من حالة عيد إتُخذ ذريعة لتطبيق الخطة الأمنية في طرابلس، وتوقيف المئات من الشباب في عاصمة الشمال، إضافة الى إصدار عشرات الآلاف من مذكرات التوقيف المعروفة بوثائق الإتصال، إذ إنّ الإعتراض على كل هذه التدابير والإجراءات بات ممنوعاً لدى أي سياسي من سياسيي المدينة بحجة أن ما من أحد يستطيع مراجعة المعنيين والوزراء بعد كل ما حصل في جبل محسن وتحديداً مع رفعت عيد، فلا يمكن إخراجه من الجبل وطلب الإعدام له قضائياً من دون أن تنفذ هذه الملاحقات والتوقيفات في باب التبانة.

إذاً، لكلّ ما تقدّم، سيستمرّ التصعيد في طرابلس، ولكن تحت السقف الذي تسمح به القوى الأمنية، فلا وجود للمسلحين والسلاح في الشارع، ومن غير الوارد اللجوء الى إستعماله من قبل أهالي الموقوفين، خصوصاً بعدما تخلى عنهم من كان يمولهم ويدعمهم ويغطيهم، وسقف ما يمكن أن يحصل هو قطع طريق لساعات، وهذا ما تأخذه السلطة السياسية والأجهزة الأمنية بعين الإعتبار.