... لماذا الموت؟ لماذا الحياة؟

... سؤال قاتل للنفس، لو لم يكن عبوراً الى الله!

... أمس، رحل الإنسان الكبير والدائم البسمة ريمون عقل فرحات الذي ترك بصماته البحثية في الجامعة، ونشر ثقافته الإدارية الحكيمة في المراكز التي تولاها وأخصّها، المديرية العامة للطيران المدني، ولجنة تحديث القوانين، ورئاسة لجنة مكافحة الفساد الإداري في غرفة التجارة الدولية، إضافة الى تدريسه الحقوق في الجامعة اللبنانية في معهد الحكمة، ومهام إدارية وإستشارية...

... كان الدكتور ريمون شخصية ذات وزن، علماً وثقافةً ووطنية، أحلّته مكانة رفيعة بين زملائه وعارفيه ومقدّري قيمته، على الصعيد القانوني والإستشاري والإداري محلياً ودولياً.

... مات الإنسان المتنور والذهبيّ الفمّ، قولاً وكتابةً وسلوكيات كلامية، كنا نأنس لها، ونستفيد من مغازلها، لكثرة ما لطجت خبرة وعلماً ودروساً من الحياة.

... لم يكن مقتنعاً أن رماد لبنان هو من حرائق الطوائف التي طالما إعتبر أن تنوّعها هو نموذج للإنسانية السلامية.

وهو أطبق جفنيه عن الدنيا، وكله إيمان أن لبنان لا بدّ أن يعود قبلة العرب وبوصلة الحضارة وميدان تفاعل مثالي بين أبناء الأديان والثقافات.

أنا لا أرثيه، لأنه مستحق لأكثر من رقيم فكري ووطني، هو الذي كان لزملائه خلاًّ وفياً ولطلابه معيناً معرفياً، ولأصدقائه أنيسا لابس الضحكة النقيبة.

... في رحيل الكبار والأعزاء، ينفطر القلب، وينكسر الخاطر، ويتعلّق الوجدان بمرويّات من أوراق العظماء، تقول: "إن الأحباء لا يموتون...! فهم كالتجارة الأبطال يبحرون فجراً... يسافرون، يسافرون بعيداً، لكنهم لا يعودون..."!

* عميد كلية الإعلام