إلى مدير عام الأمن العام،

بالامس القريب، عند مبنى الامن العام القديم، المطل على مستديرة قصر العدل، وعلى بعد خطوات من بيت المحامي، وتحت انظار العدالة، ضُرب "محام"، بدون مبرر او سبب، من عنصر تابع للامن العام يحرس ويحمي امـن البلاد والعبــاد!

دعونا نسأل ههنا: لماذا الضرب؟ فهو ممنوع، فالقانون لا يسمح به، سواء ارتكبه المواطن بحق رجل الامن او هذا الاخير بحق المواطن، فهو ممنوع في التحقيقات امام الضابطة العدلية او أمام القضاة (المادتان 41 و77 من قانون الاصول الجزائية)، فهو ممنوع الا في حالة الاعتداء او الضرورة القصوى التي تبرر للقوى الامنية الدفاع عن نفسها وعلى قاعدة: "اجتناب كل عنف لا تقتضيه الضرورة" (المادة 225 من قانون رقم 17/90) مع وجوب احترام القوانين وعدم الاختصام مع الاهلين (المادة 25 من المرسوم رقم 2873/59)، فضلا عن ان قانون العقوبات يمنع الضرب في المطلق (المادة 554 منه).

إذا كان المجرم أو المشتبه به او الخارج على القانون يمنع ضربه في المبدأ، فهل يجوز لعنصر امن ان يضـــرب "محاميا"؟! ولا يتم توقيفه على الفور؟! فلو أنّ المحامي ضرب هذا العنصر، وهكذا فعل ليس من شيمنا، فما عساها ان تكون النتيجة؟ فلنترك لكلّ مسؤول مخلص وحريص ولكلّ قارئ شريف استخلاصها...

نحن معشر المحامين، يا حضرة مدير الامن العام، مع احترامنا اللائق، لا نؤمن بالعنف ولا بروح القــوة ولا يسعنا سوى ان نستخرج من حادثة ضــرب المحامي، من قبل عنصر تابع لك في الوظيفة، ان هناك مرتكبا يمارس خدمة عامة، ولا نخالكم تقبلون بالتماس الاعذار له، فالمسألة خطيرة، وخطورتها ان المواطن يثق بان امنه في عهدة مؤسسة ترعى شؤونه وتحميه، وان هذه الثقة يجب ان لا يزعزعها فرد واحد، فمن لا يجزع من ضرب "محام"، وهو مواطن، فلا يردعه شيء عن ضرب سائر المواطنين وتحقيرهم واهانتهم على الرغم من انهم مصدر النعم، فهــم الشعب مصدر السلطات، فهل من الواجب احترامه، وهذا شرف أصيل فيكم، وفرض هذا الاحترام على كل عنصر ينتمي الى مؤسسة الامن العام؟

فلا تضّيعوا هذه الثقة، وشكراً.