في أحد مقاهي وسط بيروت، المجاورة لمقر المجلس النيابي في ساحة النجمة، جمع فنجان القهوة منذ ايام بين عدد من نواب "الرابع عشر من آذار". خلال النقاشات، حاول أحد الجالسين الغمز من قناة زميل في الكتلة نفسها يغب عن التصريحات واللقاءات السياسية والاجتماعية، فما كان من النائب المعني الاّ أن أجاب: "بكل الأحوال أنا وانت رح نبقى لسنة ال2016".

لم يأت كلام هؤلاء النواب من العدم، فجميعهم باتوا يعلمون أن قطار التمديد وضع على السكّة. والغالبية باتت على يقين من أن تيار المستقبل سيقود القطار بنفسه الى هذه النهاية، وإن كان النائب نقولا فتوش تبرّع بالصياغة القانونية للاقتراح.

فبالنسبة الى المستقبل، لا شيء يعلو على صوت الاستحقاق الرئاسي. علماً ان هناك من يقول إن التيار نفسه يعلم أن "اجراء هذا الاستحقاق في الظروف الراهنة، يشبه عشم ابليس بالجنّة". وبالتالي، فالترجمة العملية لهذا التوجّه تقول بأن لا بديل عن ارجاء الانتخابات النيابية، الى حين نضوج الطبخة الرئاسية، او بشكل اصح، حتى تبلور المعطيات الإقليمية، من البوابة السورية تحديداً.

عندما يطرح السؤال على احد نواب المستقبل عن كيفية حصول ذلك في ظل رفض رئيس المجلس النيابي للموضوع، يجيب بأن "رئيس المجلس ملزم بحسب النظام الداخلي بعرض اقتراح القانون على النقاش، والرضوخ لنتيجة التصويت. وأن بري سيجد نفسه مضطراً للسير بالتمديد، منعاً للفراغ، وتجنّباً لأي إشكالية دستورية وقانونية تتعلّق باستقالة الحكومة عند اجراء الاستحقاق النيابي، وبمن سيجري الاستشارات النيابية وما الى ذلك"، بحسب نواب المستقبل.

في الواقع، تردد مثل هذا الكلام في الأسابيع الماضية على هامش "لقاء الأربعاء" الذي يعقد في عين التينة. وسمع حتى على لسان عدد من كتلة نواب التنمية والتحرير تحديداً، الذين ارفقوا هذا التخوّف بالأمل المستمر لدى "أبو مصطفى" بإمكان الوصول الى توافق على رئيس جديد، قبل موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي في الرابع والعشرين من تشرين الثاني المقبل.

حتى الساعة اذاً، يأخذ تيار المستقبل على عاتقه التسويق لفرضية التمديد. يصطدم طريقه برفض التكتل المسيحي الأكبر، التغيير والإصلاح، لهذا الأمر، تماماً كما حصل عشية الاستحقاق النيابي العام 2013. في المقابل، لا خوف بالنسبة الى المستقبل من موقف الحلفاء، "الذي سيدوزن في الوقت المناسب، حفاظاً على وحدة الرابع عشر من آذار وحرصاً على استمرارية المؤسسات، ومنعاً لانزلاق البلاد فيمزيد من الفراغ والمجهول".

لبنان ليس في الأولوية

يشير المطّلعون الى أن هذا التوجّه المحلي ليس الاّ ترجمة للنفس الدولي. وتتقاطع المعلومات الديبلوماسية مع التحليلات السياسية هذه الأيام عند نقطة واحدة، تؤكد أن المجتمع الدولي يتلهى اليوم بهمومه، من داعش الى سوريا والعراق والملف النووي الايراني، مروراً باليمن والعلاقة مع مصر. وضمن هذا الدومينو، وخريطة التحولات الحاصلة والمرتقبة، لا يبدو لبنان في سلّم الأولويات الاقليمية والدولية.

وتشير المعطيات المعطوفة على المعلومات وكلام الصالونات السياسية، الى أن الوضع سيبقى على ما هو عليه حتى اشعار آخر، وما عدا ذلك، لا يعدو كونه تمريراً للوقت او اضاعة له.

من هنا، نزع انتهاء الصلاحية عن المصطلح الذي بات شائعاً في الآونة الأخيرة، ومفاده ان لبنان على رفّ الانتظار، وبالتالي، فأولى الخطوات ستكون التمديد للمجلس النيابي، واستمرار الشغور الرئاسي، واعطاء جرعة دعم تضمن اطالة عمر حكومة تمام سلام.

وضمن الاسباب الموجبة، هناك من يتحدّث على هذا الصعيد عن أن ما قبل الحرب على داعش غير ما بعدها. فالمجتمع الدولي حريص على تكوين شبكة امان تؤمّن استقرار الساحة اللبنانية، من دون ان يعني ذلك الانتفاء النهائي للخضات والهزات الارتدادية على وقع استمرار تداعيات الأزمة السورية.

وسط ما تقدّم يطرح نائب معارض للتمديد السؤال التالي: " الا يمر كل ذلك الاّ بطريق ضرب تداول السلطة في لبنان ومنع الحراك اللبناني-اللبناني للخروج من النفق؟".