يحل عيد الاستقلال هذه السنة ضيفا ثقيلا على الوطن، فسيد الرئاسة الاولى مغيب عن سابق تصور وتصميم في مشهد اقل ما يقال عنه بانه غير ديمقراطي او دستوري او حتى شرعي.

ولعل اكبر المصائب عندما يتحدث اهل السياسة عن الاستقلال ومعانيه متناسين قصدا او جهلا ان لبنان انتقل اليوم من الانتداب الفرنسي الى انتداب الامم وسطوة الفراغ والشلل في مؤسساته الرئاسية والحكومية والنيابية.

ومن جملة كبرى المصائب ايضا التي ابتلي فيها هذا الوطن على صغر مساحته هي التسليات والفقاقيع الاعلامية التي يتبناها فريقا 8 و 14 آذار تحت شعار انتخاب رئيس للجمهورية وتحريك عجلة المؤسسات والحفاظ على الامن والنهوض بلبنان واحدا موحدا لكل ابنائه على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والدينية والمذهبية.

على ان آخر الصيحات الرئاسية كانت مبادرة رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون..طبعا لا ينكر اي طرف في قوى 8 آذار حق الجنرال او غيره في طرح مبادرات تتناسب حسب فهمه ومقاربته للامور مع حجم المصيبة التي تعصف بالرئاسة الاولى.

ايضا، لا ينكر اي طرف حقيقة تاييد اكثر من فريق وازن في هذه القوى تسليم دفة قيادة الرئاسة بكل حيثياتها الى الجنرال، وهنا بيت القصيد.. فمجموع هؤلاء يوافق جزئيا او شكليا على ما تقدم به عون وسوف يهب لنصرته ظالما او مظلوما لكن ذلك لا يعني حسب تاكيداتهم بان طرح الجنرال ديمقراطي.

قول الكلام وعكسه بخصوص مبادرة الجنرال لا يلغي مبدا تسليم هذه القوى بما يراه الرجل مناسبا لموقع الرئاسة الاولى..من هنا لا ينسى المؤيدون لعون ضمن قوى 8 آذار الاشارة الى ان عدم ديمقراطية الطرح لا تعني بانه خطا بالمعنى الكامل طالما كان المطلوب طوال الاشهر الماضية نزول الرجل الى المجلس النيابي.

لا ينسى هؤلاء الاشارة ايضا الى ان موقف الجنرال جاء كرد على رئيس حزب القوات سمير جعجع ولتعرية الفريق الازرق واظهار حقيقة موقفه من تاييد الحكيم والبت بشكل نهائي بانه تاييد تكتيكي وليس استراتيجياً.

وفي سياق استكمال تفنيد مبادرة الجنرال ولكن ضمن اسس عدم الالتفاف على ثابتة تاييد ما يؤيده سيد الرابية، اعتبرت مصادر 8 آذار بان المبادرة العونية لتقطيع الوقت ومجرد "قنبلة اعلامية" وحتى " يشيل عون عن ضهرو" تهمة تعطيل هذا الاستحقاق.

وفي حين لم تتردد هذه المصادر في التاكيد على انه من المبكر الدخول في معادلات وتسويات حول الرئاسة الاولى في ظل غياب التوافق الاقليمي والدولي حول الرئيس العتيد، جزمت في السياق ذاته بان الانتخابات الرئاسية لا تحصل حقيقة في المجلس النيابي انما بالتفاهم المسبق الداخلي والخارجي.

ولكن من رحم مبادرة الجنرال الفاقدة للدستورية، حاول البعض في قوى 8 آذار استنباط اخرى شبيهة بها ولكن اكثر مشروعية على حد قولهم..

ماذا لو تم الاتفاق على اجراء الانتخابات الرئاسية على دورتين عبر حصر المنافسة بين الموارنة الخمسة المرشحين لرئاسة الجمهورية مع حفظ الالقاب "ميشال عون -سليمان فرنجية-امين الجميل-سمير جعجع-هنري حلو" ليتم الاختيار بينهم في الدورة الرئاسية الاولى، ومن ثم حصر الانتخاب في الدورة الثانية بين الاثنين الحاصلين على اعلى نسبة من الاصوات ليتم الاختيار بينهما وانتخاب الرئيس العتيد.