سؤال مشروع شغل الساحتين المحلية والاقليمية منذ أن نفذت اسرائيل عملية اغتيال قادة "حزب الله" إلى جانب قائد عسكري ايراني في ريف القنيطرة السورية يتمحور حول ما إذا كانت الامور في طور الانفلات أم أنّ هناك قوى قادرة على لجم التوتر ومن هي، إضافة الى سؤال استطرادي حول ما إذا كانت اسرائيل نجحت في تغيير شروط اللعبة الاقليمية من حيث الشكل والمضمون من خلال فتح جبهةٍ إضافية هي جبهة الجولان، وبالتالي هل يكون الهدف الاسرائيلي المباشر من العملية هو وضع "حزب الله" بين فكّي كماشة "داعش" والجيش الاسرائيلي؟ وهل سيكون الرد ايرانيًا أي أنّ "حزب الله" سيعتمد بنك الاهداف الايرانية أم أنه سيدفع بالامور الى حافة الهاوية في ظل انشغال العالم بامور استراتيجية تتعلق بالخريطة الجيوسياسية للمنطقة؟

قد لا تنتهي الأسئلة إلا بعد ردّ "حزب الله" المتوقع، لاسيما أنّ المؤشرات تؤكد أنّ الضربة الاسرائيلية أكبر من أن يتعامل معها "حزب الله" بلا مبالاة. فالخسائر المعنوية التي لحقت بالحزب هي اكبر بكثير من الخسائر البشرية الكبيرة والموجعة إضافة إلى أنه يخشى على صورته الرادعة بعد أن عمل طيلة عقود على فرض نفسه مقارعًا لاسرائيل أكان من جهة الحرب الامنية التي نجح فيها أقلّه حتى الان أو لناحية صورة القادر على فرض توازن الرعب في الحروب الباردة والملتهبة على حد سواء.

يبدو أنّ الامور، وبحسب اوساط سياسية مواكبة، خرجت من اطار الصراع بين "حزب الله" واسرائيل لتصل إلى حدود الصراع الاسرائيلي-الايراني المباشر. بيد أنّ القائد الايراني هو واحد من أشرس الوجوه في الحرس الثوري الايراني لمحاربة "داعش" والفصائل المسلحة المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الاسد، مع ما يعنيه ذلك من هدف مباشر لضرب الهيبة الايرانية داخل المحور المعروف بمحور الممانعة. فالضربة الاسرائيلية بحد ذاتها زرعت الشكوك حول دور الجهة التي تراقب تحركات "حزب الله" والحرس الثوري داخل الاراضي السورية وهويتها في ظل اعتقاد راسخ لدى الاوساط عينها بأنّ عملية بهذا الحجم لا بدّ من أن يرافقها خرق أمني ساعد عمليات المراقبة الجوية لحصر الهدف ضمن إطارٍ ضيّق سهّل الوصول اليه.

غير أنّ السؤال الابرز يتمحور حول دور الدبلوماسية الاميركية في تهدئة الخاطر الايراني ودفع طهران الى لجم رد "حزب الله" وما اذا كانت ستنجح بذلك أم أنّها ستسمح لاسرائيل بنسف المفاوضات الغربية الايرانية من أساسها، مع ما يعنيه ذلك من عودة إلى الحرب الاقليمية الباردة أم أنّ الامور ستنحصر في الحرب الامنية والاستخباراتية بحيث يأتي الردّ موجعًا لاسرائيل كما هو الحال بالنسبة لطهران و"حزب الله"، وما إذا كان الرد تكريسًا لدمج جبهتي الجنوب اللبناني والجولان السوري لاسقاط المشروع الاسرائيلي باقامة حزام امني مع سوريا اسوة بتركيا التي تسعى الى تكريس خط دفاعها الاول عبر الاراضي السورية.

في ظل هذه التساؤلات تتوقف الاوساط عند رد الفعل السوري وما اذا كان بحجم الاعتداء الذي تم على اراضيها واستهدف ابرز حليفين لها من خلال ضرب قيادات معارضة متعاطفة مع اسرائيل ام انها ستكتفي بالصمت الثقيل المعبر عن انصياعها لشروط اللعبة الاسرائيلية وعجزها عن خرق السقوف المرسومة للصراع العربي الاسرائيلي.

غير ان الثابت حتى الان هو نجاح اسرائيل في الخرق الامني، بحيث يصبح السؤال مشروعا حول ما اذا كان التوظيف سينعكس في الحياة السياسية عشية الانتخابات المبكرة التي قد لا تسير لمصلحة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي تبنى العملية الاسرائيلية للرد على رسائل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله وافراغها من مضمونها تجاه الرأي العام الاسرائيلي وما اذا كانت كل هذه الارتدادات ستؤدي الى انفلات شامل على مستوى المنطقة والاقليم.