جولة جديدة من الحرب الميدانية على الإرهاب خاضها ​الجيش اللبناني​ في جرود ​رأس بعلبك​ من دون أن يعني ذلك تبريد سائر الجبهات الأمنية المشتعلة، بل على العكس تطورت الأحداث على وقع الصراع ضدّ الخلايا التكفيرية التي اتخذت من المخيمات الفلسطينية، وخصوصًا مخيم عين الحلوة منطلقا لعملياتها، مستفيدة من الخصوصية الأمنية التي كانت السلطات السياسية قد تنازلت عنها لمصلحة الفصائل واللجان الأمنية المشتركة، في ظلّ إصرار من الأخيرة بالبحث عن حلول سياسية لأزمة المخيمات وعدم تحويلها إلى ملاجئ للخارجين عن القانون، بالرغم من فتح أبوابها أمامهم وتأمين لوازم الاتصال اللوجستي لهم لاستمرار قيادة الخلايا الارهابية المتواجدة خارجًا.

في هذا السياق، كشفت مصادر محلية واسعة الاطلاع أنّ اتصالاتٍ حثيثة تدور بين الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة من جهة والقيادات الفلسطينة من جهة ثانية لإبعاد المخيم عن التجاذبات من دون أن تصل حتى الآن إلى نتائج مرضية في ظلّ عدم قدرة اللجان الامنية الفلسطينية على تمرير الاتفاق المفترض خصوصًا لجهة تسليم عدد من قادة الخلايا الارهابية المتواجدة هناك على غرار الارهابيين احمد الاسير وشادي المولوي، ما دفع بالقوى السياسية المحلية على طرح علامة استفهام حول الجهة الاقليمية القادرة على حمايتهم بالرغم من تعريض أمن المخيم للاهتزاز في أيّ وقت، خصوصًا أنّ الجيش اللبناني بدأ منذ أيام بإعادة نشر قواته وتشديد قبضته على مداخل المخيم ومخارجه، من دون أن ينجح حتى اللحظة في منع عبور المسلحين ما يؤسّس إلى الاعتقاد بأنّ هناك بعض الانفاق التي تصل داخل المخيم بمخارج غير منظورة.

وتعرب المصادر عينها عن الاعتقاد بأنّ ملف عين الحلوة بات على نارٍ حامية في ظلّ خشية متنامية من تحوله إلى عرسال ثانية، بعد أن أصبح مقرًّا لادارة الخلايا الارهابية ومدّها بالخطط اللازمة للتحرك غبّ الطلب، وبالتالي تشتيت انتباه الجيش وقواه الامنية، وذلك بالتزامن مع تصعيد الموقف في الجرود الفاصلة بين لبنان وسوريا والتي تحولت بدورها الى جبهات لاستنزاف الجيش من خلال ملفات أمنية وسياسية أبرزها ملف العسكريين المخطوفين، إضافة إلى تنسيقها مع مخيمات النازحين في مشهدٍ يؤكد على تحويل الجبهات إلى حرب استنزاف مفتوحة.

ليس بعيدًا عمّا يحصل، توقف المصدر عند الاشتباك الذي حصل باعتباره الاعنف منذ معارك آب الماضي في ظل استخدام الجيش اللبناني لسلاح الجو بصورة كثيفة في اشارة واضحة إلى عزم القيادات السياسية والعسكرية على الاستمرار في المواجهة العسكرية مستفيدة من الغطاء السياسي لتعزيز الاستقرار الامني للبقاع الشمالي، لا سيما أنّ توقيت الارهابيين لشنّ هجومهم الأخير على تلة الحمراء جاء بعد أن تمكنت مخابرات الجيش من تعطيل عدد لا بأس به من أعمال الخلايا وفكفكة بعضها، في مشهدٍ يؤكد على عنف الصراع وإصرار كلّ من الفريقين على حسم المعركة لمصلحته لتوظيفها في أيّ مفاوضات مستقبلية في ظلّ اعتقادٍ سائد لدى قيادات المجموعات الارهابية والدول الداعمة لها بأنّ النظام السوري على وشك تسعير المواجهة في المنطقة الممتدّة من الغوطة وحتى القلمون بما يعني تشديد القبضة على المسلحين ودفعهم لشنّ حرب وقائية على أمل تحقيق خروقات في مكان ما تمكنها من التوسع باتجاه لبنان عشية اجتماعات موسكو بين النظام والمعارضة في خشية متنامية لدى "النصرة" و"داعش" من عزلهما ميدانيًا، وهذا ما قد يفسّر الهجمة الارهابية باتجاه جرود بعلبك واستهدافها المراكز العسكرية الامامية في محاولةٍ قد لا تكون الأخيرة لتحقيق خرق كبير قد لا ينتهي بقاعًا إنما يمتد جنوبا في حال تحقيقه.