يوم الثلاثاء الماضي، حطت الطائرة الخاصة برئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في مطار بيروت. ولم تلبث أن أقلعت وعلى متنها راكب لا ينتمي إلى فريق عمل الحريري ولا حلفائه كما جرت العادة. كان الضيف الوزير السابق فيصل كرامي.

وجهة الطائرة العاصمة السعودية الرياض، ووجهة الضيف قصر الحريري، حيث عقد «الشيخ» و«الأفندي» لقاءً استمر قرابة 5 ساعات، تخلله غداء، اختلط فيه المطعم اللبناني بالمطبخ السعودي، فضلاً عن المطبخ السوري، لكون زوجة الحريري سورية الأصل.

إلّا أن اللقاء هو الأول من نوعه بين الرجلين. إذ جرت العادة أن يلتقي الحريري مع كرامي الابن الذي كان يرافق غالباً والده الراحل الرئيس عمر كرامي في لقاءات كهذا، منذ أول لقاء جمع الطرفين في بلدة بقاعصفرين ـــ الضنية عام 2009، كذلك فإنه أول لقاء يعقد بين الطرفين منذ مغادرة الحريري لبنان قبل سنوات.

بعيداً عن الإعلام، حفل اللقاء باهتمام سياسي واسع، سواء عند حلفاء الرجلين أو خصومهما معاً، الذين حاولوا بشتى السبل معرفة ما دار فيه من مداولات، واستشراف آفاقه وتداعياته، لكونه جمع طرفين متباعدين سياسياً، لكنهما تقاربا في السنوات الأخيرة على نحو لافت شخصياً ووطنياً.

يفضل كرامي التكتم على أمور كثيرة دارت في اللقاء، ويوضح أنه سيدلي ببعض مما جرى فيه، وأمور أخرى، خلال مقابلة تلفزيونية يوم الثلاثاء المقبل على شاشة محطة «أو. تي. في» مع الزميل جان عزيز.

ويكشف كرامي لـ«الأخبار» أن «اللقاء مع الحريري تميّز بالحفاوة». وعبّر الحريري بحسب كرامي عن رغبة في «مدّ يد التعاون، من أجل مصلحة البلد، وأنا أعرف مواقفك وآراءك السياسية وتاريخك، وأنا أحترمك كما احترمت والدك».

ويقول كرامي: «لمست لدى الحريري حرصاً كبيراً على أمن لبنان واستقراره، ومنها على وجه الخصوص مدينة طرابلس، حيث أكد لي أن أمن طرابلس خط أحمر بالنسبة إليه، ويرفض تعريضها كما أي منطقة لبنانية أخرى لأي اهتزاز أمني». ويلفت إلى أن رئيس تيار المستقبل «أبدى دعمه المطلق لوزير الداخلية نهاد المشنوق في تطبيق خطته الأمنية، وفي كل ما يقوم به من تدابير أمنية».

الهاجس الأمني لدى الحريري لمسه كرامي بوضوح خلال لقاء الساعات الخمس، وهو ما يؤخر برأيه عودته إلى لبنان، وإن كان «أكد لي أنه سوف يفعل ذلك في أول فرصة يراها مناسبة».

وينقل كرامي عن الحريري تأييده ودعمه للحوار مع حزب الله، لأن «هذا الحوار وفق رأيه يحمي البلد ويجعله مستقراً، ويخفف الاحتقان في الشارع». وأكد كرامي أن «الحريري لا يمانع قيام حوار بينه وبين معارضيه في الشّارع السّني، الأمر الذي جعله يرى أن إقدام أي طرف على خطوة أولى يمكنها أن تمهّد وتسهّل قيام مثل هذا الحوار». وعقّب كرامي: «عليّ دور يمكن أن أؤديه في هذا المجال ولا يمكنني التهرّب منه».

في اليوم ذاته عاد كرامي إلى بيروت على متن طائرة الحريري الخاصة. ويشير إلى أنه توافق مع الحريري على إبقاء التواصل. وكشف كرامي أنه «بعد وصولي إلى بيروت جرى اتصال بيني وبين نادر الحريري (مدير مكتب الرئيس الحريري)، وأبلغني أنه كان يرغب في المشاركة في ذكرى أربعين والدي الأسبوع المقبل، لكن وجوده خارج لبنان سيمنعه من الحضور».