جاءت الزيارة المفاجئة لمبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط ​طوني بلير​ لغزة، لتؤكد على دور اللجنة المتقاعس والصامت تجاه معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

ورغم أن السياسيين والمراقبين أكدوا أنّ الزيارة لم تسفر عن أي نتائج، إلا أنّ مصادر محلية لاحظت أنّ بلير تحاشى إطلاق أي وعود لفظية أو حتى مكتوبة بتغيير الواقع الصعب في القطاع المحاصر، أو حتى في ما يتعلق بآلية سيري لإعادة الإعمار، واكتفى بالقول أنه سيتحدث في هذا الإطار مع الأطراف ذات العلاقة كالاحتلال الاسرائيلي ومصر، بالتنسيق مع حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، رغم الإلحاح الكبير من قبل ممثلي القطاع الخاص وممثلي المنظمات الأهلية الذين شاركوا في اللقاء.

لن تغير شيئاً

برأي الكاتب والمحلل السياسي ​هاني حبيب​، فإنّ هذه الزيارة تأتي في ظل انتقادات على المستوى الدولي والاقليمي والفلسطيني بشكل خاص لدور اللجنة الرباعية المتراجع والمتقاعس عن المهام وأداء الحد الادنى من القضايا والملفات الملقاة على عاتقها تجاه الشعب الفلسطيني، خصوصًا في ضوء تجاهل اللجنة للحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، والتي دمّرت خلالها البنية التحتية والسكنية.

وفي حديث إلى "النشرة"، اعتبر حبيب أن الزيارة مجرد تذكير من قبل اللجنة الرباعية بأنها ما تزال موجودة، لافتاً إلى أنها في الواقع لم تغير شيئاً من حقيقية هذه اللجنة التي لم تكن يوماً من الأيام تولي اهتماماً للملفات الفلسطينية الملقاة على عاتقها.

وأوضح حبيب أن أزمات غزة لا زالت موجودة وتتراكم، والمفروض من اللجنة الرباعية ممارسة دورها خصوصاً في ملف إنهاء الحصار الإسرائيلي الذي يلقي بظلاله على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة.

فاشلة بامتياز

وخلال وقفة تضامنية مع الأسرى في سجون الا حتلال، أكد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ​أحمد بحر​ أن زيارة بلير فاشلة بامتياز، لافتاً إلى أنه لا يستطيع تقديم أي شي سواء في تسريع عملية الإعمار أو رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.

وأوضح بحر أن بلير شاهد البيوت المدمرة وعملية الإعمار المعطلة والحصار الإسرائيلي والوضع الإنساني الصعب في غزة ولم يخرج بنتيجة أو كلمة للاحتلال الإسرائيلي يقول لهم فيها "كفاكم إجرامًا بحق شعبنا المحاصر".

واستقل بلير خلال زيارته إلى غزة، سيارات "لاند كروزر" اليابانية رباعية الدفع تابعة للأمم المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وسط حراسة مشددة من الوكالة والمرافقين الذين قدموا معه من إسرائيل، وهم يحملون أسلحة وواقيات مضادة للرصاص، فضلاً عن الحماية الخارجية لموكبه من قبل الأجهزة الأمنية في غزة.

لا نعوّل عليها كثيراً

"الزيارة لم تحمل أي جديد"، هذا ما أكده القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ​طلال أبو ظريفة​، مشدداً على أنها لا يمكن أن تفتح بارقة أمل جديدة أمام شعبنا الفلسطيني خاصة تجاه معاناته التي يتجاهلها المجتمع الدولي.

وفي حديث لـ"النشرة"، قال القيادي أبو ظريفة، "إن اللجنة الرباعية التي صمتت طوال العدوان وبعده، لا نعول عليها كثيراً ولا يمكن أن تغير شيئاً من واقع السكان في قطاع غزة الذي يعاني من أزمات متعددة ومتراكمة".

ولفت أبو ظريفة، إلى أنّ اللجنة الرباعية الدولية لا تقيس بأداة قياس واحدة تجاه الشعب الفلسطيني، بالتالي بلير أتى لغزة ليبرر ويظهر بشكل أو بآخر أنه مهتم في غزة وما يجري فيها، خاصة مع عدم إعمار القطاع الذي دمره الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.

وأضاف: "بلير أراد أن يثبت أن اللجنة الرباعية موجودة، لكنها لا تفعل شيئا".

أخيراً، هذه الزيارة وغيرها لممثلين عن الأمم المتحدة أو حتى مسؤولين أوروبيين، لن تغير شيئاً من واقع قطاع غزة، إذ أن بلير تحديدًا عُرف خلال سنوات عمله بعدم إحداث أي تقدم سواء على ملف الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، أو في ما يتعلق بإعادة إعمارها، فالكثير من الملفات لا زالت عالقة، ويقابلها تعدد الأزمات المتراكمة، رغم الآمال التي علقت على زيارته في الساعات الأولى إذ توقع الغالبية أن يحدث خرقًا بمكان ما، لكن دون جدوى.