على وقع الأنباء عن إقتراب المواجهة مع المجموعات الإرهابية المسلحة، يتابع أبناء بلدة رأس بعلبك يومياتهم بشكل طبيعي جداً، يعربون عن قلقهم لكن لا مكان للخوف لديهم، فهم مؤمنون بالإنتصار بقدرة الجيش اللبناني ومساعدتهم، لا سيما بعد أن أتموا الإستعدادات لكل الإحتمالات.
البلدة البقاعية، دخلت في عين العاصفة بعد الإعتداء الذي أدى إلى سقوط 6 شهداء من المؤسسة العسكرية، إلا أن العملية الإستباقية التي قام بها الجيش، في الفترة الأخيرة، ساهمت إلى حد بعيد تحسين الأوضاع، ناهيك عن التعزيزات التي إستقدمت إلى المنطقة، الأمر الذي يبعث الطمأنينة في نفوس السكان.
أحد المتابعين لمجريات الأمور العسكرية في البلدة، يوضح، في حديث لـ"النشرة"، أن المجموعات المسلحة المتواجدة في الجرود قد تفكر بالذهاب نحو الداخل السوري أكثر من الداخل اللبناني، ويشير إلى أن عناصر جبهة "النصرة" متواجدين في المنطقة الجنوبية الشرقية، في يتمركز عناصر تنظيم "داعش" في الشمالية الشرقية.
ويشدد على أن الإمدادات لا تزال تصل إلى المسلحين المحاصرين لكن لا أحد يعرف كيف، لكنه يرجح أن يكون هؤلاء يستفيدون من بعض النقاط في بلدة عرسال، لا سيما في ظل تواجد مخيم كبير للنازحين تصله مساعدات في منطقة خارج نقاط سيطرة الجيش، ويلفت إلى أن التوقعات بحصول مواجهة في وقت قريب تعود إلى أن المسلحين لن يبقوا في مكانها، أما موعد الربيع فهو الأفضل لأي مقاتل.
العنصر الأقوى في هذه المواجهة في حال وقوعها، بالنسبة له، هو غياب البيئة الحاضنة لهؤلاء المسلحين في الداخل اللبناني، لا بل يمكن الرهان على أبناء المنطقة كعنصر مساعد لعناصر وضباط الجيش على نحو كبير، ويلفت إلى أن المعلومات المتوافرة اليوم تتحدث عن أن "النصرة" تملك ما يقارب 2800 مقاتل، إلا أن أمير الجبهة في القلمون أبو مالك التلي يقول أنه لا يرغب بالقيام بأي هجوم باتجاه الأراضي اللبنانية، أما بالنسبة إلى "داعش" فهم يتحدثون عن وجود 3000 مقاتل، لكن التقديرات الدقيقة لا تشير إلى أكثر من 1200، ويلفت إلى "هجرة" عناصر من التنظيم باتجاه الجبهة، لا سيما بعد الخلافات الداخلية التي وقعت مؤخراً، ويضيف: "يمكن القول أن أغلب عناصر الجيش الحر تركوا داعش والتحقوا بالنصرة".
المواجهة ستكون صعبة وطاحنة لكن الإنتصار فيها أكيد، هذا ما يؤكد عليه، ويشير إلى أن بعض الناس قلقلة ولكن هناك من هو متعطش لهذه المعركة، التي ستكون للدفاع عن كل البقاع لا بل لبنان، ويضيف: "أبناء القرى والبلدات الأخرى سيكونون إلى جانبنا"، ويلفت إلى أن الأجواء حالياً مريحة بشكل عام، هناك تفاوت في الإستعدادات من جانب الأهالي، "الحزب السوري القومي الإجتماعي" و"سرايا المقاومة" جاهزان وهناك تنسيق مع الجيش.
وبالرغم من وجود تيارات سياسية مختلفة في البلدة، يقول: "العدو سيجمعنا، وستجد الجميع في خندق واحد، فهذه معركة الدفاع عن الأرض".
من جانبه، يشير مختار البلدة سهيل نعوم، في حديث لـ"النشرة"، إلى الأنباء عن المعركة لا تزال حتى الساعة أقاويل، لكنه يضيف: "نحن منتظرين لنرى وننتهي من هذه الأزمة".
"يهود خيبر أفضل من هؤلاء المجرمين"، يقولها نعوم، ويلفت إلى المخاوف غير موجودة، ويشكر الجيش اللبناني على تعزيز مواقعه في البلدة، كما يشكر "القومي" و"سرايا المقاومة"، ويكشف: "نحن قصدناهما وقدموا لنا المساعدات، واليوم لديهم مراكزهما على أرض الواقع".
بالإضافة إلى هؤلاء، يشدد نعوم على أن الأهالي موجودين أيضاً خلف المؤسسة العسكرية، حتى أبناء البلدة المتواجدين خارجها يأتون مباشرة عند حصول أي حادث، ويضيف: "سنضع حزبيتنا عند مفرق رأس بعلبك وسنقاتل على مبدأ ضيعتنا أولاً".
بدوره، يشدد رئيس بلدية رأس بعلبك هشام العرجا، في حديث لـ"النشرة"، على أن الجيش سيحسم هذه المرة، في حال وقوع المعركة في وقت قريب أو بعيد، ويلفت إلى أن أجواء البلدة جيدة جداً ولا مخاوف لدى الأهالي الحاضرين إلى جانب المؤسسة العسكرية وخلفه وجاهزين لأي أمر منها.
ويشير العرجا إلى أنهم كانوا يسمعون بوجود المسلحين في السابق، لكن عملياً "شعرنا بالخطر الفعلي عند حصول الكمين الذي إستهدف عناصر الجيش قبل مدة"، إلا أنه يؤكد "بعد المعركة الإستبقاية التي حصلت قبل فترة تغيرت الأمور ونحن مرتاحون".
في المحصلة، لا مكان للخوف في رأس بعلبك، بالرغم من كل موجة الترهيب التي تبثها المجموعات الإرهابية، فالإيمان بالإنتصار حاضر والإستعداد أيضاً.