يشكّل وجود محطات وقود قرب الأبنية السكنية خطراً كبيراً على السكان التعايش معه، وما الحريق الذي إندلع في حي مار جرجس في جبيل خلال تفريغ أحد الصهاريج لمادة البنزين وأدى الى إشتعال المحطة والصهريج إلا دليل على ذلك. هذه الحادثة فتحت الباب على مصراعيه على قضايا سلامة المواطنين الذين يسكنون بجوار المحطات، ليبقى السؤال ما هي الإجراءات التي تتبع لضمان السلامة العامة ومنع حدوث كارثة توقع ضحايا؟!

الكشف دوري

تتوزع مسؤولية تأمين شروط السلامة لمحطات الوقود بين نقابة أصحاب محطات المحروقات والمديرية العامة للنفط. وفي هذا الإطار تشير مدير عام ​النفط​ ​أورور الفغالي​ الى أن "وجود محطات وقود قرب الأبنية السكنية أمرٌ طبيعي، إلا أنّ على أصحابها التقيّد بشروط إنشاء المحطة وتأمين سلامة السكان الذين يقطنون بجوارها وذلك عبر وضع خزانات الوقود على عمق أربعة أمتار تحت الأرض، وتثبيتها بشكل محكم وعلى إرتفاع لا يقل عن عشرة سنتمترات عن أرضية الحفرة إضافة الى أمور أخرى"، مشددةً على أن "في المديرية فريق عمل يقوم بالكشف الدوري على محطات الوقود والتأكد من تطبيق جميع المواصفات التي تضمن سلامة السكان والعاملين".

بدوره، يؤكد نقيب أصحاب محطات المحروقات ​سامي البراكس​ لـ"النشرة" أن "النقابة تسعى الى تطبيق كل المعايير في المحطات التي تنشأ وعلى المحطة التقيّد بتطبيق شروط السلامة العامة"، مشيراً إلى أن "كلّ خزانات الوقود موجودة تحت الأرض وعلى عمق معين وهي مجهزة بسكر معين يمنع تنفيس البنزين وبالتالي أن تؤدي الى إندلاع حريق".

اكتشاف مخالفة

تروي فغالي قصة إكتشاف فريق عملها لمخالفة أثناء قيامه بالكشف على محطات الوقود، وتقول: "إكتشفت المسؤولة في المديرية العامة للنفط صفاء ابراهيم في إحدى محطات الوقود في بيروت خزاناً من البنزين يحتوي على خمسة وعشرين ألف ليتر موضوعًا على "التتخيتة" (مخزن في البيت يبنى فوق غرف المنازل) فما كان من الأخيرة إلا ان طلبت من صاحب المحطة إزالته فوراً لأن وجوده بهذا الشكل مخالف لشروط السلامة العامة، ومنبّهة اياه من الخطر الّذي قد ينجم عن "أي حادث قد يودي بحياة عدد من كبير من الأشخاص".

وتشرح فغالي أنها "وبعد ان تبلّغت بالموضوع أعطت مهلة لصاحب المحطة لإزالة الخزان تحت طائلة الإقفال"، وتضيف: "في اليوم التالي، ووقع حادث جبيل ما أثار الذعر في نفس صاحب محطة الوقود في بيروت فلم ينتظر المهلة المعطاة له وقرر إزالة الخزان فوراً، شاكراً الله على عدم حدوث أي شيء في محطة الوقود التي يملكها والا لتسبب بكارثة".

لتدريب العمال

من المفارقات أيضًا أنّ العدد الأكبر من العمال في محطات الوقود لا يدرون أنّ مجرّد التدخين مثلاً قد يؤدّي لخطر كبير، وهو الأمر الذي يفترض تجاوزه من خلال تدريب العمّال بشكلٍ أو بآخر. وفي هذا السياق، تشدّد فعالي على "ضرورة عدم رمي السجائر على الأرض أو التدخين أثناء العمل وعدم الإقتراب من خزانات البنزين لأن أي خطأ من هذا النوع يؤدي الى إندلاع حريق كبير".

وتشير، في سياق متصل، إلى أنّ "رأي المديرية العامة للنفط إلزامي حيال انشاء أي محطّة إلا ان المحافظ هو من يطبق"، وتقول: "نرفض إنشاء بعض المحطات بسبب عدم توفّر الشروط إلا أنها ولسبب أو لآخر تصبح قائمة، ونظراً لعدم تمكننا من إقفال المحطات أو فرض سلطتنا عليها طلبنا من وزير الطاقة أرتور نظريان العمل على تشديد تطبيق الشروط السلامة عبر توعية العمّال على كيفية التعامل مع "هذه القنبلة" من خلال دورات تأهيلية".

عدم تطبيق القوانين

وجود محطات وقود قريبة من بعضها البعض وللأبنية السكنية بات أمراً واقعاً يجب التعامل معه، وفي هذا المجال تشير فغالي الى أن "المرسوم 5009 لم يحدد مسافة لابتعاد محطة الوقود عن الأبنية السكنية على أن تكون بعيدة مسافة خمسين متراً عن المراكز التجارية والمطاعم وأماكن التجمع"، وتلفت الى أن "المسافة التي حددت بين المحطة والاخرى هي 800 متر إلا أن هذا الأمر لم يحترم عند إنشاء المحطات خصوصاً وأن بعضها أنشئ في سبيعينيات القرن الماضي في ظل عدم وجود مراسيم تحدد كيفية التعامل معها أما بعضها الآخر فقد قمنا برفضه إلا أنه أنشئ لسبب أو لآخر وبدعم سياسي معين".

ولمعرفة أسباب إنشاء محطات الوقود وكيفية تطبيقها شروط السلامة العامة قامت "النشرة" بجولة على عدد منها محاولة التحدث الى إصحابها، فتهرّب غالبيتهم.

ليس سهلاً تنظيم هذا القطاع إلا أنه ورغم تطبيق بعض شروط السلامة العامة فإن حياة المواطنين تبقى في خطر بوجود تلك المحطات قرب المنازل!

تصوير تلفزيوني علاء كنعان