على الرغم من محاولات ربط الخلاف، الذي إنفجر بين قناتي "الجديد" و"المؤسسة اللبنانية للإرسال" في الأيام الأخيرة، بالتقريرين اللذين عرضا عن علاقات كل منهما بأفرقاء سياسيين، نتيجة ما حصل بين "الجديد" وجواد نصرالله نجل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، إلا أن الجميع يدرك أن هذه المعركة، التي يشارك فيها "جنوداً" زملاء لا علاقة لهم بها، تعود إلى أسباب أخرى، أساسها المنافسة في سوق الإعلانات والسعي إلى كسب جمهور أوسع، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال التقارير السابقة التي تناولت هذا الموضوع، الذي يشكل مورداً مالياً أساسياً لكل منهما في ظل الأزمة التي يعاني منها قطاع الإعلام المرئي والمسموع.

وبعد رد قناة "الجديد" القاسي على تقرير "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، يسارع رئيس مجلس إدارة الأخيرة ​بيار الضاهر​ إلى التأكيد، في حديث لـ"النشرة"، أن ما قامت به مؤسسته يندرج في سياق التقرير المهني، ويلفت إلى أن المشكلة هي بين "حزب الله" و"الجديد"، وتقرير الـ"LBC" تحدّث عن هذه القضية التي تناولتها وسائل إعلام أخرى.

من جانبه، يوضح مدير عام قناة "الجديد" ​ديمتري خضر​، في حديث لـ"النشرة"، أن القناة لم تكن قادرة على عدم الرد بعد التعرض الذي حصل لها من قبل "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، ويرد على كلام الضاهر عن مهنية تقرير مؤسسته بالقول: "نحن أيضاً قمنا بتقرير مهني حول كيفية إتخاذ القرارات".

الضاهر الذي ينفي وجود أي إشكال مع إدارة "الجديد"، لا بل يؤكد أن العلاقة معها جيدة، يرفض القول أن كلاً منهما ينتظر الآخر على "الغلطة" للإضاءة عليها وبالتالي الانقضاض عليه: "من جانبنا لم يحصل هذا الأمر سابقاً"، ويرى أن التقرير الذي عرضته "الجديد"، يوم أمس، "منيح"، بالرغم من تشديده على أنه خارج السياق.

بالنسبة إلى خضر الموضوع إنتهى، إذا لم تعمد الـ"LBC" إلى الرد من جديد، وهو شخصياً لا يتوقع أن يحصل ذلك، ولا يعرف الأسباب التي أوصلت الموضوع إلى هذه الدرجة، لكنه يقول: "هم تعرضوا لنا ونحن رددنا".

في ما يتعلق بالخلفيات، التي يرى البعض أنها متعلقة بالمنافسة في سوق الإعلانات، يؤكد الضاهر أن لا خلفيات سابقة لما حصل، ويكشف عن إتصال رئيس المجلس الوطني للإعلام ​عبد الهادي محفوظ​ به من أجل التهدئة، وهو أبلغه أن ما قام به تقرير مهني، مستبعداً أن يكون هناك رد جديد على ما قامت به "الجديد"، إلا أن خضر يوضح أن المقصود هنا هو الخلاف على شركة الإحصاء، ويلفت إلى أن هذا الموضوع لا يتعلق بـ"الجديد" وحدها، حيث الأغلبية تقول أن الشركة تخضع لتأثير مجموعة الشويري وليس لديها مقدار كاف من الشفافية.

ويكشف خضر أنه كان مع الضاهر في إجتماع واحد اليوم لدى وزير الاقتصاد آلان حكيم، وتم تحقيق إنجاز بالنسبة إلى موضوع إعادة بث القنوات المحلية، ويؤكد أن الأجواء كانت طبيعية جداً.

من جانبه، يؤكد محفوظ، عبر "النشرة"، اتصاله بالجانبين، للعمل على تهدئة التوتر القائم، لأنه يضر بواقع قطاع الإعلام المرئي والمسموع أولاً، الذي يعاني أصلاً من أزمات حادة، مالية وغير مالية، ويؤدي إلى تعزيز الإنقسام في البلد، في حين أن المطلوب أن يمارس هذا القطاع دوره الإيجابي في التوجيه.

ويلفت محفوظ إلى أن هذه المؤسسات الإعلامية التقت قبل مدة على لم الشمل، لكنه يرى أن التوتر الحالي من الممكن أن يضرب كل المقاربات الإيجابية السابقة، في الوقت الذي تراجع فيه الإعلام اللبناني على المستوى العربي.

ويشدد محفوظ على أن ما تقدم لا يعني أن النقد أمر سلبي لا يجب أن يحصل بين المؤسسات، ويطالب بأن يكون النقد نقدا بناء لا العكس، ويشير إلى أن كل فريق اليوم يعطي المبررات لما قام به: "بالأساس هناك تنافس واضح بين المؤسستين على الإعلانات والجمهور وكل جهة تعمل على تعزيز موقعها".

في المحصلة، المنافسة بين المؤسستين هي أساس هذا التصعيد غير المنتظر، لا سيما أن كلاً منهما يسعى إلى تحسين أوضاعه في ظل الأزمة المالية التي يمر بها قطاع الإعلام المرئي والمسموع، مع استغلال السياسة في هذا الاطار ولكن من دون أن يكون لها الجانب الكبير من الخلاف.