رأى المعارض السوري ​هيثم مناع​، أن "سوريا تعيش أوضاعاً كارثية، ولا بصيص أمل في الأفق لحل سياسي يضع حداً للمأساة المستمرة في سنتها الخامسة، ولا رهان على الميدان الذي يراوح في معارك كر وفر تنتقل فيها السيطرة العسكرية على هذه المدينة أو تلك القرية بين فريق وآخر بلمح البصر، ثم تعود الى الفريق ذاته قبل أن يخسرها لمصلحة جانب ثالث"، معتبراً انه "أمام هذا الواقع، تأتي مبادرة المبعوث الخاص للامم المتحدة ستيفان دو ميستورا، لتعيد الى مناع شيئاً من الأمل، وهو الذي وجه قبل أيام من دعوة دو ميستورا نداءً الى المجتمع الدولي من أجل تفعيل وثيقة جنيف. وعليه، باتت الاولوية الاستعداد لهذا الحوار الطويل عبر تشكيل مجموعة عمل موحدة من "معارضين يلتقون على مشتركات سيادية اساسية، فعماد هذه المجموعة لقاء القاهرة الذي سيعُقد اثناء حوار جنيف وهناك سنحاول جمع أكبر عدد ممكن من المعارضة السورية والشخصيات الوطنية على برنامج مشترك ورؤى مشتركة وتشكيل لجنة سياسية قادرة على متابعة النتائج التي نتوصل اليها".

ولفت مناع في حديث صحفي، الى أنه "على رغم السقف المخفوض الذي حدده دو ميستورا نفسه لهذا الحوار، فإن للأمر أهمية مطلقة في ظل غياب مساعي الحل السياسي"، موضحاً "نحن في مرحلة تدمير كامل للدولة والجيش والمجتمع فلذلك نتمسك بأي مبادرة يمكن ان تعطي الامل للناس. نحن في مجتمع خيرة شبابه تذهب اليوم في زوارق الموت لتعيش أو لتموت في البحر، ولم يبق في سوريا غير التونسي وأبو البراء البلجيكي وأبو محمد الفرنسي والمحيسني "السعودي عبد الله المحيسني أحد قادة "جبهة النصرة" في ادلب"، الذي دخل ادلب والذي يقرر طريقة الحياة فيها وهو محكوم عليه في بلده، هذا المجرم الارهابي هو من يحمل شرف تحرير ادلب، والاعلام احتفل والبعض صنع الشعيبيات لان المحيسني اصبح بريمر ادلب والحاكم الفعلي فيها"، في اشارة الى الأميركي بول بريمر الذي تولى مركز الحاكم الاداري للعراق بعد الغزو الأميركي"، رابطاً |إحراز أي تقدم في مهمة دو ميستورا بضغط جدي على المجتمع الدولي "الذي يضعنا في الثلاجة" من أجل تحريك الحل السياسي".

وأضاف: "واشنطن "لا ترى ما يوحي في مبادرة دو ميستورا بأن الامور قد نضجت ووصلت الى الحل"، كاشفا ان "السفير الاميركي السابق في دمشق، روبرت فورد، كان يقول لنا بالامس واننا في هذه المحطة نحن بحاجة الى من يقاتل، وبالتالي يهمني حضور الجيش الحر في جنيف أكثر من اي جهة، وهذه العقلية اعطت العسكري دوراً فوق السياسي أو موازياً له أو على حسابه وهي التي اوصلتنا ليكون هناك في الجانب المقابل عسكري غير قابل للسيطرة وغير قابل بوجود الحل السياسي نهائياً".

وأكد مناع أن "اساس الحل في سوريا يبقى بيان جنيف، لأن التخلي عن هذا البيان يعني العودة الى نقطة الصفر وليس لدينا كسوريين رفاهية العودة الى الصفر، ولكن شرط تحديثه بما يتلاءم مع المستجدات، ويجب ألا نكون سذجا كي نعتبر هذا البيان نصاً قرآنياً وجب تطبيقه بحرفيته، فعندما خرج هذا البيان في 30 حزيران 2012 لم يكن هناك داعش، ولم يكن مصير الرئيس السوري بشار الاسد مطروحاً كما هو مطروح اليوم، وكل هذه المسائل والمستجدات يجب أن توضع على الطاولة من أجل رسم خريطة تفاوض جديدة وفق هذا التحديث ولكن دائما في اطار جنيف".

ووضع مناع ثلاثة شروط أساسية لنجاح أي عملية تفاوضية وخصوصاً في الوضع السوري، وهي "أجندة زمنية واضحة للعملية التفاوضية، والتزامات دولية، وتعهد الجهات المشاركين في المفاوضات تطبيق ما نتوصل اليه، وهذا التعهد لضمان عدم التلاعب كالقول مثلا إن هذه الفقرة بحاجة الى استفتاء شعبي، وتلك يمكن تطبيقها فوراً، المطلوب هو التوصل الى التزامات في ما بيننا نحن السوريين ضمن أجندة محددة".

وعما ارتكبه "الاخوان المسلمون" في حق الثورة السورية، أكد أن "ثلثي المعارضة السورية التي شاركت في لقاءات القاهرة لا يريد "الاخوان" لانهم أكلوا المجلس الوطني في وضح النهار، واختطفوا الائتلاف، وسقطوا في لعبة المذهبية وفي لعبة التمويل، وسرقوا خيرات قُدمت باسم الثورة وفي الوقت نفسه قاموا بعمليات مشتركة وأوصلوا السلاح الى مجموعات بالنسبة الينا تكفيرية لا يمكن الا ان تمزق المجتمع السوري"، ذاكراً "تقرير جاءه ان "الاخوان المسلمين" نفذوا 250 عملية مشتركة مع هذه المجموعات، و"على مواقعهم الالكترونية يحيون عمليات يقوم بها ارهابيون بالتعريف الدولي والاوروبي وحتى اليوم لعدد كبير من الدول العربية".

ولفت مناع الى "صعوبة الحل السياسي في سوريا، والذي يجب أن يكون سيادياً سورياً، فنحن اصحاب القرار فيه لا المصري ولا السعودي ولا الروسي ولا الايراني".

وأضاف: "حتى الآن كل الشعارات صعدت وهبطت إلاّ مسار واحد لم يتراجع هو "العنف"، وهذا المسار كلما ارتفع كان على حساب السياسة والمدنيين والاعتدال وعلى حساب القدرة على التوفيق بين اطياف النسيج المجتمعي السوري وكل هذه العناصر مدمرة. وبعدما كانت الفكرة الاساسية من هذا الحراك ألا يكون فقط لاصلاح سياسي انما لحركة نهضة وتنوير للمجتمع تشعر ان العكس هو ما حصل"، موضحاً "نحن امام حال توحش وتطرف تسود الساحة من الشبيحة الى ضباط صدام حسين السابقين الذين يديرون "داعش"، ومن هذا المنطلق العملية السياسية تحتاج الى كثير من الجهد والحكمة والخبرة".