فعل فعله "إعلان النيات" والحوار بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" الى الآن. فالتنسيق بين الطرفين سلك طريقه على كل الصعد النيابية والنقابية والطالبية، كما لا يغيب ممثل للعماد ميشال عون أو للدكتور سمير جعجع عن أي احتفال لـ"القوات" أو "التيار". فالصورة التي ينتظرها المسيحيون وتجمع عون وجعجع، بعد عداوة طويلة، أصبحت ثانوية نسبة الى حجم التنسيق بين الجانبين، رغم الاختلاف في مواقف سياسية واستراتيجية عدة، علماً انه من المتوقع ألا يتأخر اللقاء، ولن يتمّ الاعلان عنه مسبقاً لضرورات أمنية.

اذاً، "إعلان النيات" أصبح جاهزاً، وهو أنجز في انتظار عملية الإعلان الرسمية. وبنتيجته زاد التنسيق بين "التيار" و"القوات" ولم يعد يقتصر الكلام بينهما على مجرد "إعلان نيات"، بل تعدّاه الى ملفات سياسية راهنة مطروحة، واتفاق على كيفية التعاطي معها والخروج بموقف موحد، وبالتالي يمكن القول إن هذا الاعلان تطور ودخل حيّز التنفيذ عملياً، وفق الطرفين.

غالباً ما أصبحت تعقد لقاءات بعيداً عن الإعلام في الرابية ومعراب. فليس غريباً ان نرى النائب ابرهيم كنعان في معراب مجتمعاً مع جعجع ونواب من القوات للخروج بموقف موحد من الملفات الاساسية المطروحة في البلد، وخصوصاً تلك العالقة في مجلس النواب. كما ان زيارات رئيس جهاز الاعلام والتواصل في القوات ملحم الرياشي للرابية أصبحت عادية، ناهيك بالمناسبات الاجتماعية بين نواب الطرفين ومسؤوليهما.

فأزمة تشريع الضرورة واعلان نواب "التيار" و"القوات" والكتائب عدم المشاركة بأي جلسة تشريعية جعلت التنسيق في أوجّه وأثبتت فاعليته. الطرفان أعلنا انهما اتفقا "على عدم حضور أي جلسة تشريعية لا يكون قانون الانتخابات الجديد وقانون استعادة الجنسية اللبنانية من أول المواضيع التي تطرح فيها"، ويؤكدان ان قرار الكتلتين في موضوع استعادة الجنسية واحد في الصيغة والشكل، وسيكملان به حتى النهاية. ومن ضمن الملفات التي تبحث أيضاً بين الجانبين المالية العامة والموازنة، اللامركزية الادارية، وسواهما، والجهد يصبّ للخروج بموقف مشترك، "وهذا أمر لم يكن يتوقعه أحد بهذه السرعة، وهو نتيجة هذا الحوار القائم، وخصوصاً بعد كل التكهنات التي كانت تصدر عن عدم السير في الحوار الى النهاية وانه لن يصل الى نتيجة نظراً الى ما كان يفرّق بين الطرفين منذ عشرات الأعوام"، اضافة الى ان ثمة مواقف موحدة تجاه مواضيع أخرى سيعلن عنها لاحقاً وتباعاً.

ورغم انه لم تصدر الى الآن وجهة نظر موحدة حيال قانون الانتخاب، لكنهما يؤكدان ضرورة إدراجه في جدول أعمال الجلسة التشريعية. فكل طرف له خلفيته في قانون الانتخاب، والحوار قائم بينهما للخروج بموقف مشترك بالحد الأدنى، لكنهما يعتبرانه ضرورياً في هذه المرحلة.

وفق الطرفين، إن هذا المسار التنسيقي أخذ جهداً كبيراً، وتمّت مواجهة كل الصعوبات التي اعترضته بإرادة قوية وتصميم، ويعتبر بمثابة الورقة التي لا تجوز المساومة عليها أو التخلي عنها، لأنه يؤدي الى الالتقاء على رؤية وطنية مشتركة للوطن، وليس فقط للمسيحيين.

هذا التنسيق لم يعد بعيداً من الكنيسة، اذ يتمّ اطلاع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على تفاصيل الحوار والتنسيق في الملفات من الطرفين. فالدكتور جعجع زاره معايداً في عيد الفصح ووضعه في التفاصيل، وكذلك فعل النائب كنعان عندما زاره وأعطاه نسخة من "اعلان النيات" الذي توصلا اليه الى الآن. وللطرفين النية في إشراك الحلفاء في هذا الجو القائم بينهما، وليس فقط مجرد اطلاعهم على الحوار والتنسيق.