للمرة الأولى ومنذ فترة طويلة يختلف رئيس مجلس النواب النائب نبيه بري ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ حول ملف سياسيّ داخليّ.

وللمرة الأولى أيضاً يُطلق الزعيم الدرزيّ موقفاً سياسيا حول موضوع خلافي من دون التنسيق مع "الأستاذ".

الملفّ الخلافيّ هو قيادة الجيش. ففي حين أن رئيس مجلس النواب يسعى الى التمديد للعماد ​جان قهوجي​ خوفاً من حدوث أي طارئ في المؤسسة العسكرية ومنعا لتغيير قائد هذه المؤسسة في فترة الحرب مع الإرهاب، برز موقف النائب وليد جنبلاط الداعم لتعيين العميد ​شامل روكز​ قائد فوج المغاوير قائدا للجيش. موقف جنبلاط فاجأ رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون نفسه، قبل أن يفاجئ اللبنانيين الا أن التباين بين المختارة وعين التينة مردّه الى الأسباب التالية:

- العلاقة الجيّدة التي تربط بري بقائد الجيش العماد جان قهوجي والتي ليست في أفضل حالاتها بين جنبلاط وقهوجي.

- الإختلاف بالأولويات بين عين التينة والمختارة. ففي حين أن جنبلاط يريد تمرير الوقت من دون إحداث خلل على مستوى ما تبقى من المؤسسات في الداخل اللبناني بإنتظار تحقيق حلمه بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد، لا يرى بري الا في الإرهاب خطرا داهما على لبنان ومؤسساته ولم يقتنع أن تغيير قائد الجيش في مرحلة حساسة يخدم الحرب مع هذا الإرهاب.

- إمتعاض بري من السياسة العونية تجاهه في عدة مراحل، منذ الإنتخابات النيابية في جزين عام 2009 ورفض عون التخلي عن مقعد النائب السابق سمير عازار مرورا بإتفاق الدوحة ومحاولة بري تزكية الوزير السابق جان عبيد على حساب عون الى رئاسة الجمهورية قبيل الإتفاق على الرئيس السابق ميشال سليمان وصولا الى وزارة الخارجية وما يحدث في كواليسها من صراع غير معلن، بالإضافة الى مقاطعة عون جلسات التشريع بعد أن كان اتفق مع بري على المشاركة فيها ما يجعل بري غير راغب في خلق صراع جديد على مستوى قيادة الجيش.

- رغبة جنبلاط في تعبيد طريق تيمور السياسية وعدم توريثه أوزار التقلبات السابقة خصوصا وأن الوضع السياسي اليوم لا يحتمل المغامرات.

- إدراك جنبلاط أن وصول العميد شامل روكز الى قيادة الجيش سيفسح المجال أمام إيصال رئيس جمهورية غير عون ويحرّك الملف الرئاسي بعد جمود طويل.

- إدراك بري أن وصول العميد روكز إلى قيادة الجيش سيكون سبباً إضافيا يعزّز فرص وصول عون إلى رئاسة الجمهورية.

- التنسيق الدائم وغير المعلن بين بري والنائب فؤاد السنيورة وتخوّف الرجلين من إدخال الجيش في أي معركة لا يكون حولها إجماع وطني.

- معرفة بري أن عدم موافقة "تيار المستقبل" على تعيين العميد روكز قائدا للجيش تحتم عدم وصوله ما يجعله آخر الموافقين في حال تم الإتفاق على صفقة سياسية.

التباين اذا بين المختارة وعين التينة بات واضحا في ملف تعيين قائد جديد للجيش غير أنه تباين مرحلي تكتيكي ولا تأثير له على الحلف الأقوى سياسيا في لبنان منذ اتفاق الطائف.