طرحت الممارسات الصهيونية باستباحة ساحات المسجد الأقصى خلال اليومين الماضيين بقوة تنفيذ مخطط التقسيم المكاني بعد "جسّ نبض" التقسيم الزماني.

وإن تذرّع الاحتلال باستغلال مناسبة رأس السنة اليهودية لإقفال المسجد الأقصى بوجه المسلمين والسماح للمستوطنين باقتحام باحاته وممارسة طقوسهم التوراتية بشكل إستفزازي، إلا أن ذلك هو حلقة من حلقات مخطط الإستيلاء على المسجد ومحيطه البالغ 144 دونماً، وتهويد المدينة المقدسة ومواصلة الإستيطان وإصدار القرارات الجائرة بحق المقدسيين لإبعادهم عن مدينتهم.

وهذا الإعتداء الهمجي الصهيوني الذي قاده وزير الزراعة الصهيوني أوري آرائيل تلبية لدعوة "جماعة الهيكل" المزعوم، هو الأخطر منذ تدنيس وزير الدفاع الإسرائيلي أرئيل شارون بتاريخ 28 أيلول 2000 باحات المسجد، والتي كانت الشرارة الأولى لاندلاع الإنتفاضة الثانية - "إنتفاضة الأقصى".

وفي التوقيت، حيث الإنشغال العربي والإسلامي والدولي كلٌ بقضايا أخرى، يعطي فرصة للإحتلال بالإمعان بالمخطط، والذي إذا ما استمر تنفيذه بالتقسيم المكاني، فسيكون مسماراً يدق في نعش واحد من المقدسات الإسلامية الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال مع المسجد المكي والمسجد النبوي.

ويهدف المخطط الصهيوني بالتقسيم إلى إيجاد شرخ بين المسلمين والمسيحيين، بأن التقسيم هو للمسجد الأقصى ولا يستهدف الأماكن الدينية المسيحية.

ويأتي توقيت ذلك بعد الإنجاز الفلسطيني باعتراف حاضرة الفاتيكان بالدولة الفلسطينية، (16 أيار 2015)، وإصدار محكمة دينية يهودية رسالة موجهة إلى قداسة البابا فرنسيس بالإعتذار عن إعترافه بالدولة الفلسطينية وإلا محاكمته ومقاضاته حتى غيابياً.

وتواصلت المواجهات العنيفة بين شبان فلسطينيين وجنود الإحتلال والشرطة الإسرائيليين لليوم الثاني على التوالي في المسجد الأقصى، حيث تصدّى المرابطون الفلسطينيون داخل المسجد بصلابة إلى قوات الإحتلال والمستوطنين.

في غضون ذلك، تجمّع العشرات من المتظاهرات الفلسطينيات المسنّات وهنّ من المرابطات في الأقصى ورددن "الله أكبر".

وقام الشبان الفلسطينيون وموظفو الأوقاف الإسلامية في المسجد باستبدال السجاد الذي احترق جرّاء القنابل الصوتية والدخانية التي ألقاها جنود الإحتلال، وأيضاً تنظيف داخل المسجد.

ولقي العدوان الصهيوني إدانة فلسطينية، حيث طالب وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور رياض المالكي بعقد قمّة إسلامية طارئة لبحث التصدّي للعدوان الإسرائيلي والإقتحامات اليومية للمسجد الأقصى.

وحذّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي تُشرف مملكته على المسجد الأقصى، من أن "أي إستفزاز جديد سيؤثر على العلاقات بين الأردن وإسرائيل".

من جهتها، ندّدت الولايات المتحدة الأميركية بـ"كل أعمال العنف الأخيرة في باحة المسجد الأقصى"، داعية إسرائيل والفلسطينيين إلى "تجنّب أي عمل إستفزازي"، وبذلك تكون قد ساوت بين الجلاد الصهيوني والضحية الفلسطيني.