تحت عنوان "محاربة العدوان الروسي"، تتبدّل الكثير من المعطيات في الميدان السوري، لا سيما بين فصائل وكتائب المعارضة المسلحة، التي باتت تتنافس فيما بينها على النفوذ في المناطق التي تسيطر عليها، في ظل تداخل معطيات إقليمية ودولية متعددة، تعكس الإختلاف في التوجهات والمصالح.

في الآونة الأخيرة، ظهرت إلى الواجهة تحالفات جديدة وأخرى قديمة، تعكس خلافات كبيرة بين القوى المتعددة في صفوف المعارضة لا يمكن معها الوصول إلى حلول مقبولة، إلا أن أبرزها قد يكون ما يحصل منذ مدة في الغوطة الشرقية، التي يشكل "​جيش الإسلام​" بزعامة ​زهران علوش​، المقرب من المملكة العربية السعودية، رقماً صعباً فيها.

في هذا السياق، تم الإعلان قبل أيام قليلة عن ولادة تحالف جديد في هذه المنطقة، بين كل من حركة "​أحرار الشام​" وجبهة "النصرة" و"الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام" تحت إسم "جند الملاحم"، لا يضم في صفوفه "جيش الإسلام"، الأمر الذي أثار حوله علامات الإستفهام، خصوصاً لناحية التوقيت، ما دفع بعددٍ من المراقبين إلى القول بأن الهدف الأساس منه محاربة نفوذ جماعة علوش، الذي يحكم الغوطة الشرقية بقبضة حديدية، تمنع أي جهة لا تحظى بموافقته من الدخول على الخط، مع العلم أن نفوذ "النصرة" كان يتنامى بشكل ملحوظ فيها، حتى بات يقارع نفوذ "جيش الإسلام" في المرحلة الراهنة.

وتشير مصادر مطلعة على سير الأحداث، عبر "النشرة"، إلى أن فهم حقيقة ما يجري يتطلب التوقف عند بعض الأحداث السابقة، حيث سعت "النصرة" في السابق إلى تشكيل غرفة عملية موحدة، عبر طرح عنوان "جيش الفتح في الغوطة الشرقية"، إلا أن "جيش الإسلام" رفض هذا الأمر بسبب منعه من المشاركة في تلك التي تشكلت في محافظة إدلب، حيث النفوذ الأكبر لجناح تنظيم "القاعدة" في سوريا، ومخاوفه من سيطرة "النصرة" على تلك الجديدة.

وفي حين تلفت هذه المصادر إلى أن "النصرة" لا تشارك في أي غرفة عمليات لا تكون هي الرقم الصعب فيها، تعتبر أنها نجحت في جر "أحرار الشام" و"الأجناد" إلى التحالف الجديد، في وقت يتصاعد فيه صراعها مع "جيش الإسلام"، على خلفية إغتيال القاضي العام السابق في الغوطة الشرقية أبو أحمد عيون من قبل مجهولين، حيث وجهت أصابع الإتهام سريعاً إلى علوش، بسبب تسجيلات مسربة نقلت عن أحد أبرز مسؤوليه الأمنيين المدعو أبو سفيان.

بالتزامن مع ذلك، جاءت المعلومات عن نجاح المفاوضات بين "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، على الاندماج ضمن تشكيل واحد، في محاولة لإعادة هيكلة القيادة الموحدة بزعامة علوش بعد أن شهدت انقسامات حادة، بعد أيام على بروز صراع بين "الفيلق" و"النصرة" على خلفيات مالية أساسها إستغلال الأنفاق التي يتم من خلالها تهريب المواد الغذائية والمحروقات إلى المناطق المحاصرة، حيث عمدت الجبهة إلى خفض الأسعار التي تبيع فيها هذه المواد عن تلك المعتمدة من الفيلق، الأمر الذي فجر العلاقة بين الجانبين على نحو دراماتكي.

وفي حين يعمد كل من "جيش الإسلام" و"النصرة" إلى عدم الحديث عن الخلافات بشكل مباشر، تشدد المصادر المطلعة على أن المسار الجديد لا ينفصل عن الإتهامات التي وجهت إلى علوش خلال المعارك في مدينة الزبداني، على خلفية الدعوات المتكررة له إلى فتح الجبهة مع الجيش السوري لتخفيف الضغط الذي كان قائماً على المقاتلين في المدينة، الذين ينتمون بشكل رئيسي إلى كل من الجبهة و"أحرار الشام"، قبل الوصول إلى التسوية الشهيرة، بالإضافة إلى تناقل أنصار "النصرة"، في الساعات الماضية، مواقف قديمة لرئيس اللجنة الشرعية في "جيش الإسلام" أبو عبد الرحمن كعكة تصفهم بـ"الخوارج".

وتلفت هذه المصادر إلى أن أساس الخلافات بين الجانبين، يعود أولاً إلى المنطلقات العقائدية التي تحكم عملهما، بالإضافة إلى إختلاف الولاءات الإقليمية، وتذكر بأن هذا الأمر كان قد تسبب في إندلاع سجال واسع قبل أشهر قليلة، في تموز الماضي تحديداً قبل أن يتم تدارك الأمر، حيث كانت الإتهامات توجه إلى "جيش الإسلام" بالعمل على تشكيل "صحوات" مهمتها محاربة "النصرة"، مقابل اتهاماتٍ وُجّهت إلى الأخيرة بالعمل على السيطرة وشق الصف.

في المحصلة، ما يحصل في الغوطة الشرقية هو نموذجٌ عن الصراع القائم بين قوى المعارضة على الساحة السورية، في وقت برزت معلومات عن إتصالات لإعادة العلاقة بين تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة"، بعد الدعوات المتكررة التي صدرت عن أكثر من مرجعية للوحدة، وكل ذلك لن يكون بعيداً عن مساعي الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة لتحريك مسار الحل السياسي للأزمة.