يواجه الشباب في قطاع غزة مشكلات عدة تشكل أمامهم هاجساً كبيراً تتمثل في انعدام فرص العمل خصوصاً بعد تخرجهم من الجامعات والكليات المختلفة، وارتفاع نسب ​البطالة(1)التي أصبحت في تزايد عاماً بعد آخر، إضافة إلى وجود تهميش لدورهم الريادي من خلال المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتمكين من الوظائف العليا والسياسية كما يرى البعض.

ورغم ذلك، يرى مسؤولون ومختصون أن من الضروري العمل على إيجاد فرص عمل للفئة التي تعد الأكثر تضرراً في المجتمع الفلسطيني من خلال تكثيف جهود المؤسسات الحكومية والأهلية في غزة من أجل التخفيف من مشكلاتهم، في ظل الواقع الصعب الذي يعيشونه مع استمرار الاحتلال والانقسام.

انعدام فرص العمل

ويرى الخريج ​مهند السحار​ الذي تخرج من احدى جامعات غزة قبل سنوات، أنه لا يوجد أفق للشباب الفلسطيني الذي يعيش في قطاع غزة، الذي يعاني من احتلال وانقسام مستمر منذ تسع سنوات، لافتاً إلى أنّ آلاف الشباب يتخرجون كلّ عام من جامعاتهم وكلياتهم ولا يجدون أي فرصة عمل أو حتى للتدريب في احدى المؤسسات.

وفي حديث لـ"النشرة"، يعتبر الشاب السحار أن انعدام فرص العمل في قطاع غزة هو المشكلة الأولى التي يعانيها الشباب، إضافة إلى عدم وجود تمويل لأصحاب المشاريع والأفكار الريادية في غزة، على حد قوله. ويضيف: "من غير المعقول أن نتخرج ولا نجد فرصة عمل وهي حق لنا، فنحن نعيش في ظل احتلال يحاصرنا ولا يوجد مشاريع ريادية في القطاع تمكننا بالعمل ولو بشكل محدود بدلاً من أن نبقى بلا فرصة تمكننا من تكوين مستقبلنا والعيش كغيرنا وهذا حق لنا".

تهميش!

"هناك تهميش لدور الشباب"، هذا ما يؤكده أستاذ الاجتماع في جامعة الأقصى بغزة، ​محمود عساف​، لافتاً إلى ضعف المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى صعيد التمكين من الوظائف العليا والسياسية لدى الشباب.

وفي حديث إلى "النشرة"، يشير عساف إلى أن القيادات العليا في المجتمع الفلسطيني بغزة، دائماً تحاول الاحتفاظ بمقاعدها وأماكنها ولا تفسح المجال لأفكار وآراء الشباب، في وقت من الضروري أن يكون لهم دور فاعل في المشاركة السياسية.

ويرى عساف أن هذا الأمر يشكّل ظاهرة منتشرة في المجتمع الفلسطينية، في ظل ارتفاع نسب البطالة وانعدام فرص العمل للشباب الفلسطيني الذي يعيش ظروفاً صعبة. ويضيف: "يجب الاهتمام بهموم الشباب وقضاياهم وحل مشكلاتهم من أجل ضمان مستقبلٍ أفضل لمجتمعنا الفلسطيني".

قدرات وخبرات

في مقابل ذلك، تلقي الناشطة الشبابية ​لطيفة شتات​ اللوم على المسؤولين الفلسطينيين والجمعيات والمؤسسات الفلسطينية في قطاع غزة بعدم توفير فرص عمل في الوقت الذي ينعدم فيه الطموح والأمل لدى خريجي الجامعات بالحصول على وظيفة.

وتؤكد الناشطة شتات لـ"النشرة" أنّ الشباب الفلسطيني يحتاج إلى توفير أقل حقوقه خصوصاً الصحة والرياضة والتنقل وحرية التعبير عن الرأي، محذرة من ارتفاع نسبة البطالة عاماً بعد آخر، في ظل انعدام فرص العمل في القطاع الحكومي والخاص.

وتطالب شتات المسؤولين الفلسطينيين ومختلف المؤسسات والمراكز الأهلية والرسمية في قطاع غزة، بالعمل على توفير فرص عمل للشباب، وحل مشكلاتهم التي أصبحت تشكل هاجساً لهم في مختلف تفاصيل حياتهم.

وتتفق الخريجة الفلسطينية ​آمال أحمد​، مع شتات، إذ ترى أنه "من حقنا أن نحصل على وظيفة تفتح لنا المجال لتحقيق مستقبلنا، سواء في المؤسسات الحكومية أو الأهلية ليروا خبراتنا وقدراتنا، مع ضرورة وجود حلول ولو بسيطة تمكننا كخريجين وخريجات من إيجاد فرصة عمل حقيقة".

الفئة الأكثر تضرراً

ومع تفاقم المشكلات في وجه الشباب الفلسطيني منذ سنوات، خصوصاً مع تعثر جهود إنهاء الانقسام ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، تغيب الاجراءات الفاعلة التي تعالج مشكلات الشباب ولو بشكل محدود.

عن هذا، يقول مدير عام وزارة الشباب والرياضة في غزة ​محمود بارود​ إن الشباب بحاجة ماسة لكل جهد من أجل رفع الهموم عنهم وحل ومشكلاتهم، ليس عليهم فقط ولكن على كل المجتمع الفلسطيني.

وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح بارود إنّ الشريحة الاكثر تضرراً في غزة هي الشباب كونها تمثل ما يزيد عن 60% من الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن وزارته تسعى دائماً إلى الوقوف مع الشباب ومناقشة اشكالياتهم كي نصل إلى حل لكل الاشكاليات التي يواجهونها.

ويؤكد بارود أن الوزارة داعمة للشباب وتعمل على إيجاد حلول لمختلف إشكالياتهم، رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها، لتحقيق آمالهم وطموحاتهم.

في المحصلة، تبقى مشكلات الشباب في غزة بالواجهة، ما لم يتم العمل على إيجاد حلول لمشكلاتهم المتعددة، إضافة إلى اتخاذ اجراءات وقرارات من شأنها إيجاد فرص عمل لهم يعيد الأمل للشريحة التي تعد الأكبر في المجتمع الفلسطيني.

(1)بلغت نسبة البطالة في فلسطين نحو 27.4 % في الربع الثالث من العام الجاري، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إذ يوجد 357.3 ألف عاطل عن العمل في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة)، حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، فيما سجلت نسبة البطالة في قطاع غزة لوحده، نسبة مرتفعة، بلغت نحو 42.7% في الربع الثالث، بينما بلغت نسبة البطالة في الضفة الغربية المحتلة نحو 18.7%، خلال نفس الفترة.