في ظل التطور الهائل الذي تشهده وسائل الاعلام، بالتزامن مع الحوادث الأمنية والأزمات الخانقة التي يعيشها لبنان بل المنطقة والعالم بأسره، تحضر وزارة الاعلام لمؤتمر حول الاعلام في 2 و3 كانون الاول تحت شعار "#الاعلام_الجديد: الاستراتيجيات والتحديات.. الهويّة الوطنية ونشر الوعي"، يعتبر الاول من نوعه في لبنان لجهة الموضوع والمروحة الواسعة التي شملها المتحدثون في المؤتمر، من اختصاصيين واساتذة جامعات واعلاميين ومؤسسات اعلامية خاصة ورسمية.

وفي هذا السياق، يشير وزير الإعلام ​رمزي جريج​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ المؤتمر من تنظيم مديرية الدراسات في وزارة الاعلام، ويشمل عددا كبيرا من وسائل الاعلام والجامعات، موضحا انه تم اختيار الاعلاميين للبحث في قضايا الاعلام الوطنية.

وينطلق مدير الدراسات في الوزارة ​خضر ماجد​ من التطور الإعلامي على مستوى العالم، وتحول المجتمع العالمي الى مجتمع متفاعل فيما بينه، ليلفت إلى أنّه كان لا بدّ من ان تقوم وزارة الاعلام في لبنان، وهي الاب الصالح والراعي، بمواكبة هذه التطورات الاتصالية والتفاعلية، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الرأي العام ويومياته. ويوضح أنّ الإعلام الجديد بات داخل كل بيت وبين يدي كل فرد، وجعل من الاعلام كلا متكاملا يتقاسم الادوار بين التلفاز والاذاعة والصحيفة والموقع الالكتروني اضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح كل فرد مؤسسة اعلامية ومجتمعية لها اهتمامها الخاص والعام.

وفي حديث لـ"النشرة"، يشرح ماجد ان الهدف من المؤتمر هو الاضاءة على مختلف العناوين الاعلامية في لبنان، والخروج بتوصيات وبرامج منهجية تصوّب وتواكب الاداء الاعلامي، وتكون رافدا أكاديميا وعمليا لقانون الاعلام العتيد، على ان تصدر هذه التوصيات في كتاب بعد المؤتمر. ويقول: "اردنا من هذه الفعاليّة ان تجمع اكبر مروحة من المختصين بشؤون الاعلام والاتصال على صعيد الادارات والمؤسسات العامة والجمعيات الاهلية والاعلامية، اضافة الى الكادر الاكاديمي المختص في عدد من الجامعات، وقد اعتبرنا ان جميع المؤسسات الاعلامية والاكاديمية شريكة في المؤتمر حتى لو كانت غير مسماة في البرنامج المعتمد، ولها الحق في النقاش وابداء الرأي، ونحن منفتحون وأبوابنا مفتوحة لجميع المؤسسات والاعلاميين لتكوين شراكة تنتج اعلاما يحمي الهوية الوطنية". ويشيد ماجد بجهود الوزير جريج والمدير العام حسان فلحة لتعاونهما في انجاح التحضيرات للمؤتمراضافة لرعايتهما وتعاونهما.

ويعلن ماجد أنّ المديريّة تقوم بتحديث موقع وزارة الاعلام الالكتروني الذي تشرف عليه وهو بلغات متعددة ليحاكي المغترب اللبناني، كما تم اطلاق صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مواكبة للمؤتمر ولتفعيل وتسهيل الاتصال والتواصل مع الرأي العام في الداخل والخارج.

وبالحديث عن الاعلام الجديد، لا يمكن إلا الحديث عن صحيفة "النشرة" الالكترونية، وهي من من طلائع الاعلام الالكتروني في لبنان، حيث يؤكد رئيس تحريرها ​جوزيف سمعان​ أنّ التعاطي مع الإعلام الإلكتروني في لبنان يتمّ على انه اعلام تقليدي، مع العلم انّه بات يسابق الريح لجهة المعلومة والتطور التكنولوجي، وهو مغاير تمامًا عن صيغة العمل التقليدية المتعارف عليها في الاعلام.

ويعتبر سمعان أنّ الصحافي اللبناني لم يعرف حتى الساعة كيفية استغلال الانترنت وتجييرها لمصلحته على الرغم من أنّها عالم مفتوح بات يحاكي الواقع الملموس أكثر ممّا يقال أنه عالم افتراضي، وهو ليس بعالمٍ أقرب الى الخيال العلمي كما يتمّ تصويره، إنّما يحوّل الكلمة الى حقيقة في اطار صحفي نظيف.

من جهة ثانية، يرى سمعان انه لا يجوز مقارنة ومطابقة الاعلام الالكتروني الحديث أو أي وسيلة اعلامية كانت مكتوبة او مرئيّة أو مسموعة مع وسائل التواصل الاجتماعي وكأنّهم جزء لا يتجزّأ ولا ينفصل عن بعضه البعض، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي تقترب حسب مطالعاتنا الى اللغة الشعبيّة والأحاديث الخاصة، وهي إنْ تعاطى معها الجمهور ببثّ بعض الأخبار قد تصح تسميتها بوسيلة اعلام شعبيّة يسعى الصحافي معها الى تطوير الخبر ليطبخ في مطابخ الاعلام الحديث.

ويردف رئيس تحرير صحيفة "النشرة" الالكترونية: "من يريد أن يجعل من الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي صانعة للثورات ومحرّكة للجماهير في العالم العربي تحت مسمّى "الربيع العربي"، هو مخطئ حتمًا فالانترنت ساهمت بجزء لا بأس به بالتعبئة الشعبيّة لكنها موجودة منذ زمن بعيد، فلماذا لم تنطلق هذه الثورات الا من قرابة 6 سنوات؟"

سمعان يعتبر ان الاعلام الجديد لم يأتِ ليلغي أو يزيل الاعلام التقليدي، بل جاء ليكمل عمله ويطوّره، فهو شموليّ يجمع الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وأصبح أكثر سرعة ليصل ويوفّر الأخبار للقارئ أينما تواجد على الكرة الارضيّة عبر الانترنت او عبر الرسائل النصيّة عبر هاتفه الذكيّ او جهازه اللوحي "Tablet"، ويضيف: "الاعلام الجديد يتطور بشكل مضطرد وسرعة كبيرة، وبتنا ننافس أهم الوسائل التقليدية عبر نقل الخبر او الحدث مباشرة من مكان الحدث". ويعتبر ان الصحف الورقية وغيرها من وسائل اعلام تتجّه الى عَصْرَنة وتحسين أدائها الرقمي لتطوير قدراتها.

أمّا بالحديث عن الأخطاء التي تحصل، فيلفت سمعان إلى أنّه "احتمال وارد لكنه يبقى خاضعًا لمعايير الصحافة النظيفة التي تتجرّأ وتعتذر، لأنها بذلك تحفظ مكانتها بين القراء الّذين يصبحون أكثر ثقة لأنّ الاعتذار يأتي من الكبار". ويضيف: "نحن نحاول أن ننتقل الى مرحلة اكثر تطورا ونصبو اليها، مع التأكيد ان لبنان هو البلد الوحيد السبّاق في مجال الاعلام الالكتروني في المنطقة، وكما كانت وسائل الاعلام التقليدية رائدة بما فعلته في العام 2006 خلال حرب تموز، فإنّ استثمار التطوّر الرقمي بسرعة فائقة سيكون هو المستقبل لهذا القطاع".

وحول التوصيات التي يطلبها من المؤتمر، يدعو سمعان لوضع قوانين لحماية حقوق مالك المؤسسة الاعلامية كي لا يخضع للابتزاز السياسي او المالي، كما يدعو الى حماية العاملين في مجال الاعلام الالكتروني، الّذي بات يستقطب خريجي كليّات الاعلام في لبنان والى حماية الملكية الفكرية وتفعيل هذا القانون، وتطوير عمل محكمة المطبوعات لمواكبة هذا التطوّر الكبير في لبنان.

مواكبة للعصر والمتغيّرات، يأتي هذا المؤتمر من تنظيم وزارة الإعلام، عساه يكون خطوة أولى في مسارٍ تطويري وتنظيمي طويل لا بدّ منه في قطاع الإعلام، بفروعه المختلفة...