اشار راعي ابرشية البترون المارونية المطران ​منير خيرالله​ خلال ترؤسه قداس العيد في الكرسي الاسقفي في كفرحي وقداس منتصف الليل في كاتدرائية مار اسطفان في البترون، الى ان "يسوع خربط بولادته كل الحسابات السياسية في التاريخ وكل تقسيم الحصص في الجغرافيا، إذ اتخذ لها مسرحا لا بيت لحم اليهودية فقط، بل كل مساحة الامبراطورية الرومانية التي كانت تحكم بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط غربا وشرقا حيث كانت شعوبها ترزح تحت نير الاحتلال وتتمنى أن تتحرر وهي تدفع الثمن بمقتل أبنائها وأبريائها. هذا في الأمس، أما اليوم، وما أشبه اليوم بالأمس، فولادة يسوع تخربط حسابات القوى العظمى على مساحة الكون وتفشل اتفاقاتها السرية بينما يظهر هيرودسيون جدد يتحدون كل الدول والحكام ويأمرون بقتل الأطفال والكبار والجنود وبحجز النساء وبتهجير الشعوب، ويظهر بيلاطسيون جدد يغسلون أيديهم ويعلنون براءتهم، وكل ذلك خدمة لمصالحهم لا غير. وبين القوى العظمى وحساباتها وقوى التطرف على أرض الواقع، لا تزال الشعوب المغلوب على أمرها في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان تدفع الثمن دون أن تحصل على حرية تقرير مصيرها وعلى السلام المنشود. وفي تداخلات هذه الأحداث، يولد يسوع سنة 2015 في الشعوب الفقيرة والمستضعقة والمحرومة والمظلومة". يولد يسوع في ملايين المهجرين والنازحين واللاجئين والهاربين من الطغيان والاستبداد والتعصب والانتقام في العراق وسوريا وفلسطين، الذين راحوا يدقون أبواب أوروبا وأميركا وأوستراليا بعد أن كانوا وجدوا لهم مأوى ومذودا آمنا في لبنان والأردن وتركيا! يولد يسوع ونسمع ملاك الرب يبشرنا من جديد بالفرح العظيم وبالسلام الآتي. فهل نؤمن بهذه البشرى؟".

وسأل: "هل نؤمن بأن الفرح والسلام هما من الرب يسوع المسيح الباقي معنا إلى الأبد بينما سلاطين هذا العالم هم العابرون؟ هل نجرؤ على نقل هذه البشرى إلى شعبنا لنقول له إننا بولادة المسيح ملك المحبة والسلام نتخطى مصالحنا الضيقة وانتماءاتنا وخصوصياتنا لننفتح على شعوب العالم ونقول لهم: إن المسيح افتدانا جميعا، وإن البشرية مخلصة بالمسيح، وإنها محبوبة من الله الآب؟ هل نجرؤ على أن نبشر العالم أنها علامة من الله أن نعيد معا هذه السنة، مسيحيين ومسلمين، وهي مناسبة نادرة جدا وأنها مناسبة للقاء والتحاور نشهد فيها على احترامنا لتعددية انتماءاتنا وعلى تقديرنا لبعضنا البعض، وأن العيش معا ممكن في زمن يرتكب فيه البعض، باسم الدين وباسم الله، مجازر بحق الإنسانية؟"

اضاف: "هل نبشر بأن يسوع المخلص هو علامة ونعمة ورحمة لجميع البشر وهو ملك السلام؟"، داعياً لأن "نتقارب ونتحاور ونتعاون لنبني معا السلام، سلام الله لا سلام البشر".