يلمس المتتبّع لدور قوات الطوارئ الدولية العاملة في ​جنوب لبنان​ "اليونيفيل" أنّ دورها لا يقتصر على تطبيق القرار 1701 وحفظ السلام، وإنما يأتي في صلب أدوارها غير المعلَنة تقديم المشاريع الانمائية والخدماتية والاجتماعية والتربوية للعديد من القرى والبلدات الجنوبية.

ومن بين الخدمات التي تقدّمها الكتيبة الإيطالية في إطار قوات "اليونيفيل" اضاءة الطرقات والشوارع على الطاقة الشمسية وتقديم الهبات للمؤسسات الخيرية والاجتماعية والبلديات والمساهمة في انشاء ودعم الملاعب الرياضية وتأهيل البنى التحتية والمستشفيات الحكومية، ونزع الألغام والقنابل العنقودية الإسرائيلية، وتنظيم حملات طبية يومية لإسعاف المرضى الجنوبيين وتقديم الأدوية لهم من خلال أطباء إيطاليين إختصاصيين، فضلاً عن تعليم اللغة الإيطالية في المدارس الجنوبية، وتعبيد الطرقات وغيرها من المشاريع.

ولعلّ ما يميّز دور تلك الكتيبة، والمنتشرة في القطاع الغربي في الجنوب، هو اقترابها من الناس، خصوصًا وأنّ الملامح البشرية للايطالييين واللبنانيين متشابهة كما العادات والتقاليد، مما جعل هذه الكتيبة الاكبر في عديدها تنسج علاقات صداقة مع الجنوبيين، وهي التي يبلغ عدد ضباطها وعناصرها 1100، وهم منتشرون في القطاع الغربي على مساحة تصل الى عشرة الاف متر مربع تمتدّ من القاسمية شمالا الى الناقورة جنوبًا وبنت جبيل وعيترون شرقاً، وصولاً حتى فرون والغندورية.

يتولى قيادة القطاع الغربي والكتيبة الايطالية في "اليونيفيل" حاليًا الجنرال فرانكو فيديريتشي، ويخضع لامرة الكتيبة الايطالية حوالي 3634 ضابط وجندي من 13 دولة هي: غانا (850 ضابط وجندي)، ماليزيا (821)، كوريا (312)، فينلندا (287)، ايرلندا (181)، تنزانيا (75)، أستونيا (37)، صربيا (33)، أرمينيا (32)، بروناي (29)، سلوفينيا (14).

يُشار الى ان عدد عناصر "اليونيفيل" المعزّزة المنتشرة في الجنوب عشرة آلاف عنصر من 13 دولة قدموا الى المنطقة عقب الحرب الاسرائيليّة على الجنوب في تموز من العام 2006 لمنع العمليات العدائية وتطبيق القرار الدولي 1701، وكانت قد سبقتهم إلى المنطقة قوات الطوارئ الدولية في العام 1978 لتطبيق القرار الدولي 425 الصادر عن مجلس الامن، كما يعمل مع "اليونيفيل" الآن 900 موظف مدني من اللبنانيين والدوليين.

وبحسب مصدر مطّلع على عمل الكتيبة الإيطالية في الجنوب، فإنّ الأموال التي تُصرَف على المشاريع المتعدّدة والمختلفة التي تقدّمها الكتيبة للسكان المحليين هي في جزء كبير منها من الحكومة الايطالية ومن مشاريع الأثر السريع من "اليونيفيل" ومن مساعدات مقدمة من جمعيات إيطالية غير حكومية عبر الكتيبة الإيطالية، علمًا أنّ ​إيطاليا​ قدّمت في العام 2015 حوالي 1250 ألف يورو لإنجاز المشاريع عبر الكتيبة الإيطالية في الجنوب.

من جهته، قال الناطق الرسمي للوحدة الإيطالية النقيب ​ماركو دي لورنزو​ لـ"النشرة": "عندما وصلت أول قوة إيطالية إلى لبنان بعيد الحرب (2006)، كانت آثار الدمار والحرب وكان الإنتقال صعباً إلى مطار بيروت، والآن الطرقات تغيرت وأصبحت سهلة، وطال هذا التغيير جميع القرى وبدت فيها الصورة مختلفة، حتى أن السكان تحسنت ظروف حياتهم وعيشهم وأصبح نمو الإقتصاد واضحاً".

وأشار إلى أنّ الوحدة بدأت في العام 2007 حملة توعية في المدارس عن خطر القنابل العنقودية وقامت بإختراع قصة "دورا وبابوش"، الذي لم يسمع نصيحة دورا وراح يلعب بالحقل القريب من الضيعة والمليء بالقنابل العنقودية، وكان للقصة المحكية من الجنود الإيطاليين أثر كبير على أطفال الجنوب. وأضاف: "أما اليوم وبعد 9 سنوات نذهب إلى المدارس لتعليم اللغة الإيطالية وتنظيم حملات توعية حول النظافة العامة ونظافة الفم والأسنان وكلّ هذا يدلّ على تحسين الظروف الحياتية، والنمو والازدهار في المنطقة الجنوبية على كافة الأصعدة".

وفي سياقٍ متصل، أشاد رئيس ​بلدية كفرا​ علي حمدان، في حديث لـ"النشرة"، بالدور الريادي للوحدة الإيطالية في سبيل تحقيق الإستقرار في الجنوب والسهر على راحة وأمن المواطنين، وخصّ الضباط والجنود الإيطاليين وقائدهم الجنرال فيديريتشي بتحية خاصة، وإعتبرهم أفراداً من المجتمع المحلي نظراً للعلاقات الممتازة مع الأهالي.

وأشار حمدان الى ان الوحدة الايطالية دشنت مؤخرًا مشروع إنارة على الطاقة الشمسية في الشوارع الرئيسية لبلدة كفرا في قضاء بنت جبيل مؤلف من 13 جهاز حديث ومزوّد بأحدث التقنيات والتي تعمل بإستقلالية تامة مستفيدة من الطاقة الشمسية وموجّهة تمامًا لعلاقة جديدة مع البيئة من خلال استخدام الطاقة المتجددة بهدف زيادة السلامة المرورية.