الوضع السياسي الخطِر، الذي يعيشه لبنان منذ فترة طويلة، يؤشِّرُ الى أن هذا الوضع المأزوم، يمكن ان تطال تأثيراته السلبية كلّ مفاصل الوطن، وتنعكس على صورة لبنان الاقتصادية، والكيانية والسياحية، إذا لم تسارع الدولة والمؤسسات المدنيّة الى وضع خطّةٍ إنقاذية، لإعادة تصويب البوصلة نحو الأهداف المرجوّة والجريئة، التي من شأنها دعم السياسة العامة، والإسهام التضامني بين القطاعين العام والخاص، في سبيل رسم خطّة نهوضٍ إقتصادية، مبنيّة على خبرات تخصّصيّة واسعة في مجال السياحة والاقتصاد والإستثمارات الفندقية، إضافة الى رؤية إنقاذية للوضع الإقتصادي، الذي شارف على مخاطر حقيقّية، لا يمكن تجاهلها أبداً.

لقد تيسّر لي، من خلال خبرتي الأكاديمية والإعلامية في الجامعة اللبنانيّة، ان اطَّلع على كيفيّة التطوير السياحي والإقتصادي وتحديث مجالات الإنماء والإزدهار، وان أواكب عملية توظيف الإعلام الوطني، الرسمي والخاص، وكيف يكون في خدمة الاقتصاد ويدعم الميزانية العامة، ويعزّز مستويات الدخل الوطني، ويشجّع على تنمية السياحة وتوفير الإنماء المتوازن بين مناطق الداخل اللبناني، من جهة، وينقل صورة لبنان المشرقة الى العالم، من ناحية ثانية.

في الواقع، كانت "صورة لبنان" في الاعلام المحلّي والخارجي، مشوبة بالكثير من علامات الضعف والتشويش، خصوصاً في المرحلة الراهنة، التي تداخل فيها الوضع السياسي بالوضع الادائي للحكومة، التي فشلت الى حدٍ بعيد في إدارة شؤون الناس، ولم تستطِعْ ان تقدِّم إنجازات تُذْكَر على مستوى الإستقرار السياسي والنموّ الاقتصادي، وحماية الإستثمارات والدفاع عن حقّ الناس بالعيش الهانئ والكريم.

والكلام عن السياحة اللبنانية، التي يطيبُ لي أن أُطْلِقَ عليها "بترول لبنان"، هو كلام محوري وأساسي لمقاربة الموضوع بجرأةٍ، وتقديم إقتراحاتٍ جادّة، من شأنها أن تساعد على خلق مناخات مؤاتية، داعمة للسياحة والإقتصاد وصورة لبنان الحضارية في العالم.

وفي هذا المجال الوطني الهامّ، أقدِّمُ للمسؤولين، جُملة إقتراحاتٍ ومجموعة أفكار، في سبيل تعزيز دور الاعلام السياحي، ودعم رسالته وتوجّهاته الهادفة الى إعلاء الشأن اللبناني، والحفاظ على نقاوة صورة لبنان في العالم، تتركّز حول الأمور التالية؛

1- ضرورة وضع إستراتيجية لبنانية للإعلام السياحي، في الخارج، لمواكبة الاحوال وتشجيع التفاعل بين القطاعين الخاص والعام.

2- عقد مؤتمر عام للمؤسسات الإعلامية، برعاية وزارتَيْ السياحة والاعلام، لوضع خطة عمل وتَصوُّر مستقبلي لدور وسائل الاعلام، بالمشاركة في مسؤلية تعزيز السياحة الوطنية. وان الجامعة اللبنانية، وانطلاقاً من دورها الوطني، مستعدة للمساعدة الإستشاريّة، في تقديم كل مساعدة ممكنة لتحقيق هذا الهدف.

3- الطلب الى وسائل الاعلام، ان تخصّص برامج دعائية وتعريفية خاصة، بالمواقع السياحية اللبانية، وبمميّزات لبنان الجغرافية والمناخية، والتراثية.

4- وضع خارطة سياحية للبنان، والعمل على توزيعها على السفارات ومكاتب الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، لتعريف المغتربين واصدقاء لبنان على ذُخْرِ لبنان الحضاري، وقيَمه التاريخية ومواقعه الساحية ذات التصنيف العالمي.

5- التركيز على البُعْد التنموي للسياحة، ودور الاعلام في مواكبة حركة الاصطياف والسياحة الشتوية، من خلال الحرص على تقديم صورة ناصعة للبنان، وجعل السوَّاح يطمئنون الى سلامتهم وامنهم ورفاهية إقامتهم.

6- لا يمكن فصل الوضع الإعلامي اللبناني عما يحصل داخل الوطن، لذلك مطلوب إيجاد علاقة ثقة بين وسائل الاعلام والحكومة والمؤسسات السياحية، للتشارك في تحمّل هذه المسؤلية العامَّة.

7- ان الاعلام هو أهمّ وأنفع دعاية للبنان، إن على المستوى السياسي او على مستوى الاقتصاد والعلاقات الخارجية، وهذا ما يفرض دعم الاعلام السياحي وتعزيز موارده، ومنع وضع اليد عليه، لأن الاعلام الحرّ هو من مقوِّمات لبنان ومن ثوابته.

8- تحصين السياحة، من خلال تشجيع المغتربين على زيارة بلادهم سنوياً، وهذا ما يُقوِّي سياسة لبنان وموقعه الاقتصادي، في الأندية الدولية.

9- دور الاعلام السياحي والاقتصادي، في تشجيع الإستثمارات، وعدم هجرة رؤوس الأموال ومنع نزوح الاقتصاد الى خارج البلد.

10- وجوب تركيز الإعلام على وظيفته الحضارية والتثقيفية والإرشادية، وكيف يكون دليلا سياحياً وخبيراً إقتصادياً مساعداً الدولة في عملها.

هذه الاقتراحات، اضافة الى مشاريع اخرى، من شأنها ان تساعد على تأسيس إعلام سياحي، يأخذ على عاتقه رفع صورة لبنان عالياً وإعادته الى الضوء من جديد، بعدما كادت اخبار النفايات والصفقات والهدر والفساد، تشّوه صورة لبنان الذي نُحِب!