دخلت "النشرة" الى بلدتي ​نبل والزهراء​ بعد أن حصارتها المجموعات المسلحة لحوالي الـ3 سنوات، فقطع عنها المواد الغذائية والطبية.

وخلال جولة "النشرة"، شوهد علي (3 أعوام) يجلس على وسادة وجهه احمر داكن من شدة الحرارة ، انينه متواصل بلا بكاء يحاول التحرك لكنه غير قادر، عمره من عمر الحصار ولد في العتمة وبدأت رحلة اوجاعه. تقول والدته انه يعاني من تكلسات في الرأس او اختلاجات سببها ربما نقطة دم او ما شابه التشخيص صعب دون تصوير رأسه بالاشعة ومتابعته عن كثب لكن في بلدة محاصرة كيف يمكن الوصول الى مستشفى، عليك بالدعاء والتوسل والادوية المهدئة.

أما الفتاة الصغيرة (خمسة اعوام) تكاد لا ترى هي تعاني من ضعف نظر حاول اهلها بكل الوسائل المتاحة تامين نظارات لها، حصلوا على النظارات لكن كانت غير مطابقة لحالتها، يقول والدها لـ"النشرة" وفي عينه الدمع "حاولت بقدر المستطاع تامين لها النظرات لكن هي بحاجة لمعاينة طبيب والا ستعمى وهي في السادسة من عمرها".

هذه هي عينات من المعانات في بلدتي نبل والزهراء، فالحصار لم يقتصر على الغذاء بل المعانات كبيرة في كل الاطر.

كما رصدت "النشرة" معاناة اخرى وهي التعليم فبعد اربعة سنوات دراسية لم يعد يوجد كتب تكفي التلامذة، حاولت الجهات التعليمية المعنية اجتراح حلول فطلبت من كل طالبين مبادلة الكتب بعدها كل ثلاثة طلاب، وتتم المبادلة بحيث يدور الكتاب كل يوم عند تلميذ او يقسم الكتاب لنصفين، اما تلامذة الشهادات الرسمية التاسع او البكلوريا فهذه معضلة لا يمكن حلها، فعليا التعليم على قدر الامكان لا ضوء للدراسة واسعار الدفاتر والاقلام ان وجدت مرهقة جدا.

تقول احدى السيدات انه في اول عام كان الحصار شديد جدا اضطر الاهالي لطحن اي شيء من الحنطة وخلطها لاجل خبزها، وتقول لـ"النشرة" كنا نضطر الى تخبأة الخبز عن الاولاد لكي يكفيهم لعدة ايام، كان من يجد برتقالة من الاولاد يتقاتلون مع بعضهم ليأكلوها، كان عاما قاسيا وصعبا لا يعرف احد كيف مر بعدها بدأت عمليات التهريب عبر الجبال مع القرى المجاورة في غرب الزهراء ليس الامر سهلا لكن كانت النتيجة فعالة بدأت تتواجد المواد الغذائية في البلدة والمازوت والبنزين وإن بشكل تدريجي وغالية الثمن.

رواتب الموظفين والعمل كان معضلة اخرى فلا عمل ولا اشغال تقول احدى السيدات ان الجمعيات كانت تتكفل بارسال حصص غذائية الى العائلات واربعة الاف ليرة سورية كانت تكفي لليوم العاشر من الشهر وبعدها لا احد يعرف كيف تدبر المعيشة، العمل الوحيد كان في التطوع في اللجان الشبان بمعظمهم تطوعوا وحملوا السلاح للدفاع عن بلدتهم حراسات ومراقبة متواصلة لتحركات المسلحين يقول احد المتطوعين انهم لم يشعروا لاي مرة ان البلدتين ستسقطان كان الامر محسوم حتى في اقسى الظروف. في العام الماضي هاجمت المجموعات المسلحة البلدتين بعدد كبير من المفخخات واتبعتها بادخال عناصر الى وسط بلدة الزهراء لكن لم تستطع ان تصمد ساعات داخل البلدة فتحت النيران على المهاجمين من كل الاتجاهات سحقت المجموعات المسلحة ودمرت الياتها واسر بعضهم.

لا تنتهي المعاناة فلقذائف الهاون والغراد وسقوطها قصص، تقول احدى السيدات لا نعرف الراحة حتى داخل منزلك تشعر وكان صاروخا اخترق المنزل كل لحظة، قذائف الهاون لم تتوقف حتى الان والاصابات اصعب من مفارقة الحياة، احدى العائلات اضطرت لبيع كامل تجهيزات منزلها لمعالجة الوالد الذي اصيب في رجله ، تقول ابنته "ليس لدي ما البسه سوى هذا اللباس الذي ارتديه".

احد الرجال طلب من موفد "النشرة" الذهاب معه لمنزله ليشاهد كيف يطبخ لاولاده الطعام فلا غاز لديه وهو يوقد النار على الخشب وما بتوفر له من الارض، على جانب الطريق طريق العودة بدأت شاحنات الاغاثة تدخل البلدتين والوعود ان تتوالى وتتحسن الاشغال وتعود الحياة ويتحرك الاهالي باتجاه حلب والمناطق الاخرى فلاربعة اعوام لم يخرج احد من البلدتين سوى المغامر المخاطر بروحه عبر طريق شاق وطويل عبر الجبال الى تركيا ومن ثم الدخول الى القامشلي ومن ثم مطار القامشلي الى مطار دمشق وكل دلك بحتاج للمهربين والمال.