ينقل زوّار الولايات المتحدة الأميركية عن مسؤولين أميركيين التقوا بهم تأكيدهم بأن الوضع الأمني في لبنان ممسوك، وأن الإدارة الأميركية تتصرّف مع هذا الملف كما تتصرّف مع الموضوع الأمني لأي ولاية من ولاياتها، وهذا تدليل واضح برأي الزوار على مدى الاهتمام الأميركي بلبنان الذي تشمله بعين الرعاية واهتمامها الأول كونه يُشكّل بالنسبة إليها في هذه المرحلة الغرفة التي تُدير من خلاله المنطقة بعد السفارة الأميركية في بيروت والتي أوكل إليها بحسب هؤلاء أن تكون عين وآذان أميركا من عين المريسة إلى أفغانستان، ولذلك خصص لها مليار و200 مليون دولار للبناء الجديد والتجهيزات للقيام بهذه المهمة الآن وفي المستقبل.

ويشدد الزوار على أن المسؤولين الأميركيين الذين التقوهم أكدوا لهم أن انهيار لبنان ممنوع، وأن ما يجري بين فترة وأخرى من احتقان سياسي وفي الشارع محكوم بسقف غير مسموح لأي كان تجاوزه أقلّه في هذه المرحلة، منعاً لانهيار الهيكل على رؤوس الجميع.

وفي رأي الزوار أن هناك خطوطاً حمر مرسومة دولياً وإقليمياً بالنسبة للإستقرار الأمني في لبنان، وبالتالي فإن الارتفاع الحاد الذي شهدناه في الأيام القليلة الماضية لا يعدو كونه تبادل رسائل حول الاستحقاقات المطروحة وأن الشارع بالتأكيد لن يتماهى مع هذه الرسالة بغضّ النظر عن بعض النتوءات التي تحصل في هذا الشارع أو ذاك.

وفي معرض تعليق هؤلاء على ما جرى في بعض الشوارع في بحر الأسبوع الفائت يسارعون إلى التأكيد بأن بيانات التهدئة التي صدرت وسحبت فتيل التفجير دليل واضح على أن القرار الدولي المتخذ هو الحفاظ على استقرار لبنان ومنع انزلاقه إلى آتون أي صراع، وأن هذا الأمر سيتطور في الأيام المقبلة باتجاه تضمين الخطاب السياسي لكل الأفرقاء التحذير من الجنوح في اتجاه الفتن المذهبية أو الانزلاق في اتجاه لعبة الشارع.

في موازاة ذلك ترى أوساط سياسية أن لا قدرة لأي فريق لبناني على تحمّل وزر انفلات الوضع عن عاقله وهي تقول أنه صحيح لقد تعرّض الحوار الثنائي بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» لانتكاسة نتيجة ما حصل على خط بيروت - الرياض مؤخراً، إلا أن الطرفين المعنيين يبدو أنهما يحرصان لا بل يتمسكان بهذا الحوار لأنه الممر الإلزامي للحفاظ على الاستقرار والابتعاد عن نار الفتنة، وفي هذا الإطار كان البيان الذي صدر في أعقاب اللقاء الذي جمع الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري أبلغ دليل على مدى رفض القوى السياسية الاحتكام إلى الشارع، وهو فعل فعله الإيجابي في الشارع.

وتؤكد هذه الأوساط أن مثل هذا اللقاء سيتكرر على أكثر من مستوى كون أن هناك قراراً متخذاً من قبل الجميع في مواجهة محاولة إثارة الفتنة خصوصاً في الشارع الإسلامي من باب الاحتقان الموجود على مستوى المنطقة بالإضافة إلى الأزمة في سوريا، من دون أن يعني ذلك في رأي الأوساط أننا في حالة استقرار دائم، إذ ان الخوف يبقى مبرراً وفي محله من اندلاع بعض المشاكل وحصول بعض التوترات في بعض المناطق كنتيجة حتمية لما بلغه الاحتقان نتيجة التصاعد المستمر في حدة الخطاب السياسي الذي يوظف في سبيل تحقيق مكاسب على مستوى الاستحقاقات المطروحة، غير ان ذلك لن يؤدي بالتأكيد إلى توسعة بيكار مثل هذه الأحداث إن حصلت.

وترفض الأوساط اعتبار تحذير بعض الدول العربية رعاياها من السفر إلى لبنان نذير خوف من انفلات الوضع الأمني في لبنان، بل انه قرار طبيعي وعادي لطالما اتخذته دول تعيش الحالة التي تعيشها الدول التي اتخذت هذا القرار، فالجميع يعرف انه من غير المسموح لأي فريق لبناني تهديد الاستقرار الأمني مهما كانت الظروف والمناخات السياسية وغير السياسية.

وفي رأي الأوساط ان هناك توجهاً لتحييد الوضع الأمني عن الصراع السياسي الذي قد يتفاقم مع قابل الأيام بفعل الخلاف حول الاستحقاقات الداخلية والملفات الإقليمية، والمسعى القائم لهذه الغاية قطع شوطاً بفعل الحرص الظاهر لدى الجميع على وجوب النأي بلبنان عن أية فتنة داخلية، وترك الاشتباك السياسي يأخذ مداه بعيداً عن الشارع، خصوصاً وأن الصراع على مسألة الانتخابات الرئاسية سيستمر على اعتبار ان أمد الفراغ الرئاسي سيطول ما دامت أزمات المنطقة مفتوحة.

وتكشف الأوساط عن معلومات لديها بأن الولايات المتحدة أبلغت من يعنيهم الأمر بأنها لن تترك لبنان لقدره، وهي تولي الوضع الأمني الاهتمام الوافي الذي تنطلق من خلاله في دعم الجيش والأجهزة الأمنية التي أثبتت فعاليتها في الكثير من المحطات، وهذا الاهتمام بالاستقرار الأمني يسري كذلك على الاهتمام الأميركي بالوضع المالي والنقدي بغض النظر عن بعض الإجراءات التي تتخذ بحق قيادات في «حزب الله» أو مؤسسات تابعة له.

وتشدد الأوساط على انه في ظل هذا المشهد الدولي المؤاتي لحفظ استقرار لبنان، فإنه لا توجد أي مؤشرات أو معطيات تفيد بإمكانية الانزلاق في اتجاه التوتير الأمني، وأن الترويج الحاصل عن مخاوف أمنية لا مفاعيل له على الأرض باعتبار ان المظلة الدولية الواقية موجودة، وأن ذلك لا يتعدى لعبة التهويل التي يحاول البعض توظيفها في الصراع السياسي القائم، وهي لن يكون لها أي فائدة كونها لن تحقق الغرض المطلوب بفعل وعي الجميع لمخاطر أي تجاوز للخطوط الموجودة على مستوى الاستقرار الأمني.