بعد الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه أخيراً في ريف حمص الجنوبي- الشرقي، لاسيما بعد سيطرتهم على النقطة 806.5 جنوب غربي جبل المزار،

بعد مواجهات عنيفة مع مسلحي "داعش"،بالإضافة الى العمليات التي نفذتها المقاومة اللبنانية ضد مواقع المجموعات المسلحة فيجرود سلسلة الجبال الشرقية الصيف الفائت، فقد أفضى كل ذلك الى تقطيع أوصال المسلحين التكفيريين في "الجرود"، كذلك بينها وبين المناطق اللبنانية والسورية المحاذية لها، باستثناء البقعة الممتدة بين عرسال وجردها، لاعتباراتٍ مذهبية، إضافة الى تمكّن حزب الله من شل يد التكفيريين، وتضييق هامش تحركهم، الذي بات محصوراً بين الأخيرة وجرد رأس بعلبك في الأراضي اللبنانية وبعض المسارب والممرات الجبلية المؤدية الى بعض قرى الريف الحمصي،حيث الوجود "الداعشي" وسواه، بحسب مصادر ميدانية متابعة.

ورغم نجاح المقاومة من إحكام الطوق على معاقل التكفيريين في السلسة الشرقية، غير أن بعض مجموعاتهم تحاول من حينٍ الى آخر، التسلل الى داخل عرسال، أو الأقتراب من المواقع العسكرية المنتشرة في محيط منطقتي رأس بعلبك والقاع، عندها يقعون في نطاق الدفاعات البرية التابعة للجيش اللبناني والمقاومة، التي تتصدى للتكفيريين، وتجبرهم على التراجعالى "الجرود"، بحسب ما تؤكد المصادر.

وتشير الى أنه كلما تقدم الجيش السوري في الريف المذكر آنفاً وفي قرى القلمون الغربي، يدفع ذلك مسلحي "داعش" المنتشرين في جبال لبنان الشرقية الى البحث عن مسارب برية تؤدي الى ما تبقى من قرى واقعة تحت سيطرته في الشطر الثاني من الحدود، ليتلقى منها الدعم اللوجستي من سلاحٍ وذخيرة، التي يحتاجها، أما في شأن المؤن، فلاتزال تأتيه من عرسال، ودائماً وفقاً للمصادر.

وتكشف المصادر أن البقعة الجغرافية الأبرز لتحرك "داعش" راهنا، هي المنطقة الواقعة بين جرود رأس بعلبك وعرسال، حيث يحاول "التنظيم" في شكلٍ متكررٍ فتح ثغرات في إتجاه الريف الحمصي، غير أن إنتشار الجيش وحزب الله في "السلسلة"، يشكل عائقاً امام محاولات "التمدد الداعشي".

كذلك أسهمت الانجازات المذكورة في إبعاد الخطر التكفيري عن القرى المحيطة بعرسال، كيونين، اللبوة، ومشاريع القاع المتصلة برأس بعلبك، لذا كانت الأخيرة هدفاً دائماً لتنظيم "داعش" الإرهابي الذي حاول مراراً التقدّم نحوها، سعياً منه الى وصل المشاريع بعرسال من جهة الجنوب، وطرد باقي الفصائل التكفيرية منها، لتكون الكلمة الفصل له في هذه البقعة الجغرافية، غير أن دفاعات الجيش اللبناني والمقاومة، أحبطت كل مساعيه ودائما بحسب المصادر.

أما في شأن الوضع في داخل عرسال، فتشير المصادر إلى أنها لاتزال خارجة سلطة الدولة، وأنها بمنزلة قاعدة إمداد لوجستي للمسلحين، فهم يتنقلون بينها وبين جردها بحريةٍ، ويأتون إليها للمعالجة، وللتزوّد بمختلف المساعدات اللوجستية والطبية والعسكرية، كذلك لزيارة عائلاتهم في مخيم النازحين عند أطراف عرسال، وفقاً للمصادر.

إذا، بعد هذا العرض الموجز لإنجازات الجيش السوري والمقاومة في الجبال الشرقية، لم تعد جرود عرسال والقاع، تشكل مصدر تهديد حقيقيٍ وفاعلٍ للاستقرار في المناطق اللبنانية والسورية المحيطة، فقد شلت هذه الانجازات القدرات الهجومية لدى "تكفيريي" الجرود، وأفقدتهم زمام المبادرة في الميدان، ولم يعد بوسعهم سوى التسلل الى الداخل اللبناني، ضمن مجموعات صغيرة بقصد الاستشفاء وما الى ذلك، تستهدفها نيران الجيش اللبناني وحزب الله، كما حدث في الأيام القليلة الفائتة في عرسال ورأس بعلبك، أو الهروب والتنقل ضمن مجموعات صغيرة بين هاتين المنطقتين وريف حمص الجنوبي ليس الا.