تتكرر التحذيرات من "صيف ملتهب" سيلفح المنطقة ولا يتجنب لبنان.أوساط سياسية تعتبر أن عناصر التهدئة القائمة التي سمحت بإجراء انتخابات بلدية مريحة، قابلة للتغيير بشكل سريع، خصوصاً عندما ننظر إلى التطورات القائمة في المنطقة، والتي تنفي استطراداً حالات التفاؤل التي سبقت مراحل مفاوضات جنيف السورية، والكويت اليمنية.

وترى الأوساط أن "الهدوء اللبناني" القائم ليس معصوماً عن الألغام، سواء الكامنة، أو تلك التي يجري تحضيرها منقبَل أصحاب مشروع تدمير المنطقة العربية، خدمة للمشروع الصهيوني، ولتأمين استمراره.

وتلفت الأوساط إلى أن ما سبق أن تحدّث عنه الأميركيون عن وجود "خطة ب" في حال فشلت جهود الروس للوصول إلى حل سياسي في سورية، هو حقيقة قائمة ومستمرة في أذهان المراهنين على انخراط الأميركيين مباشرة في الحرب على سورية، ولذلك تعمل المملكة العربية السعودية على إفشال المفاوضات الجارية على مراحل في الكويت بين اليمنيين، وفي جنيف بين السوريين، وما جرى من عودة لجنود "المارينز" إلى اليمن، هو حلم سعودي بأن يحصل في سورية.

وتشيرالأوساط نفسها إلى أن مرور الوقت يكشف شيئاً فشيئاً عن أسرار المؤامرة القائمة على المنطقة، وآخرها اعتراف رئيس حزب العمل الصهيوني والنائب في "الكنيست" إسحاق هرتزوغ بأن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيزقام بتمويل الحملة الانتخابية الأخيرة لرئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، في آذار 2015، بثمانين مليون دولار، وهي مساهمة سعودية لا يمكن تبرأتها من المشاركة في سفك الدم الفلسطيني.

هنا، تذكّر جهات أبحاث ودراسات،بكلام سبق أن قاله مؤسس الكيان الصهيوني بن غوريون، في مؤتمر لندن عام 1938: "آل سعود وحدهم المؤهلون للعمل على مشروع تطبيع العلاقات العربية - "الإسرائيلية"، وتكشف أن أبناء الملك عبد العزيز، الأمير منصور؛ وزير الدفاع حينها، والأمير فهد، الملك فيما بعد، تلقّيا العلاج في أربعينيات القرن الماضي، خلال الحرب العالمية الثانية، في مستشفى "هداسا"، ولعل هذا يكشف خلفية مبادرة فهد عام 1981 للاعتراف بـ"إسرائيل".

وتنطلق الجهات المذكورة لتنفي ما يقال عن تراجع أميركي عن المنطقة، إذ إن المخطط الأساس كان تسليم المنطقة العربية للكيان الصهيوني، ولأتباع أميركا كالسعودية وتركيا، لكن فشل هذا المشروع أربك التابع والمتبوع، وبات الحديث عن عودة الأميركيين عبر "الخطة ب" أمراً متداوَلاً، وحتى ذلك الوقت سيقوم حكام السعودية وتركيا بتأجيج النيران في سورية والعراق واليمن، في ظل ما هو معروف من تدخُّل أميركي لمنع العراقيين من قتال "داعش" بالأسلوب الذي يكفل القضاء عليها وليس مشاغلتها.

أين يقع الخطر على لبنان؟ اللافت في هذا الوقت بالذات، خروج الجنرال الأميركي المتقاعد ويسلي كلارك، الذي كان القائد الأعلى لقوات حلف الاطلسي بين 1997 و2000، بتصريح يكرر فيه اعترافات مسؤولين أميركيين آخرين، ويقول إن "واشنطن وحلفاءها هم الذين أنشأوا جماعة داعش الإرهابية، لمواجهة حزب الله اللبناني وتدميره"، وإن ذلك "تمّ بتمويل خليجي، ترافق مع تمويل أميركي، لتشويه صورة الحزب".

هذا الأمر يعيد الكُرة إلى الملعب اللبناني، على الرغم من وجود جملة أسباب تساعد اللبنانيين على التمتُّع بالأمن حالياً، أولها، بالطبع، ما يقوم به الجيش اللبناني والمقاومة من تصدٍّ للمسلحين التكفيريين المتجمّعين في جرود عرسال، وعلى الحدود اللبنانية - السورية، واستنزاف هؤلاء المسلحين بضربات متتالية تمنعهم من تنفيذ مخططاتهم، كما تلعب المصالح والرغبات الأوروبية التي وصلت إلى حد زيارة الرئيس الفرنسي هولاند للبنان، دوراً هاماً في تبريد تهدئة مخططات التفجير في لبنان، خوفاً من تسببها من تهجير مئات آلاف النازحين السوريين باتجاه أوروبا، كما يساهم الفشل السعودي في إشعال حرب داخلية لبنانية ضد المقاومة، عن طريق أتباعها في قوى "14 آذار"، الذي وُضع حد له بساعتين في السابع من أيار 2008، إلا أن المساعي السعودية لا تكلّ في هذا المجال، إذ تكشف بعض الأوساط عن عمل سعودي دؤوب لشراء بعض القوى المنشقّة عن حركة "فتح" داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتركيزاً على مخيم عين الحلوة، بغية استخدامها في الحرب السعودية - "الإسرائيلية" المستمرة ضد المقاومة، في الوقت الذي تنقل جهات خليجية تهديدات "إسرائيلية" جديدة إلى لبنان و"حزب الله"؛ بأنها ستستهدف الدولة اللبنانية ومؤسساتها هذه المرة إذا لم تقف إلى جانبها في وجه المقاومة.

فهل سيجرؤ العدو على عدوانه مدعوماً بعمل داخلي مموَّل سعودياً، أم ستكون هذه التهديدات مثل سابقاتها؛انعكاساًللفشل الذريع في تحقيق الرغبات العدوانية؟