أعادت ​الانتخابات البلدية​ الروح الى القرى والبلدات اللبنانية التي مرّت في السنوات الماضية بـ"كوما" ديمقراطية، جراء التمديد للمجلس النيابي. ويمكن القول بعد الجولتين الانتخابيتين السابقتين ان الشعب اللبناني "اشتاق" لممارسة الديمقراطية اقتراعًا وترشيحًا، رغم العتب الكبير على العاصمة بيروت.

تحط الانتخابات البلدية رحالها الاحد المقبل في الجنوب، اي في المحافظة المحسوبة بأغلبيتها الساحقة على تحالف حركة أمل وحزب الله، الا ان ذلك لا يعني ان النتيجة محسومة في قرى الجنوب كله، ففي حومين الفوقا مثلا يستعد الناخبون لخوض معركة انتخابية تعيد أهل القرية بالذاكرة لمعركتي 1998 و2004، فتتنافس لائحتان مكتملتان من 15 عضوا، الاولى برئاسة ​فادي نعمة​ تحت أسم "التنمية والوفاء" وهي مدعومة من تحالف أمل-حزب الله، والثانية برئاسة ​شوقي شريم​ تحت اسم "الانماء البلدي" وهي مدعومة من عائلات ومستقلين وفيها مرشحون محسوبون على "أمل"، ومرشح محسوب على "حزب الله".

تشير مصادر في القرية الى ان تسمية "حزب الله" لرئيس للبلدية من خارج "العائلة الاكبر في البلدة" خلط الاوراق لدى كل الأطراف، وأن الثغرات التي حصلت بعمل اللجان الانتخابية الحزبية أدى للجوء عدد من المحسوبين على أمل والحزب، للائحة المنافسة، فاكتملت اللوائح وبدأ العمل الانتخابي.

تسود أجواء انتخابية حامية في حومين الفوقا، فالأقاويل كثيرة، واهمها ان تحالف أمل- حزب الله مهدد بالانهيار بسبب اتفاق "سري" بين حركة أمل واللائحة المنافسة. هذا الامر تم نفيه على لسان قيادات الطرفين الذين شددوا على اهمية التحالف الممتد على مستوى لبنان، كذلك كانت زيارة مسؤول المكتب التنظيمي المركزي في حركة أمل حسين طنانة الى البلدة في حفل اعلان لائحة "التنمية والوفاء"، رسالة واضحة على متانة التحالف السياسي والدعم المطلق للائحة التحالف.

ومن ضمن ما يُحكى أيضا هو الدعم "الشيوعي" للائحة "الانماء البلدي"، ولكن لرئيس اللائحة رأي آخر يقول بأن المعركة انمائية بامتياز وهي محصورة بقرية حومين الفوقا فقط. ويضيف رئيس ​بلدية حومين الفوقا​ من عام 1998 حتى عام 2004 المحامي شوقي شريم في حديث لـ"النشرة": "الانتخابات البلدية هي منافسة تتعلق بالإنماء، خاصة ان لنا تجربة ناجحة في هذا المضمار، وهدفنا فقط هو المساهمة في انماء حومين الفوقا".

ويشير شريم الى ان "محاولات التوافق والاتفاق التي حصلت بين كل الاطراف في القرية لم تصل الى الخواتيم السعيدة، فنحن سعينا من أجل بلورة لائحة توافقية مع الاحزاب ولم نتوصل الى تفاهم بشأنها، لذلك فنحن متجهون نحو منافسة انتخابية نأمل ان تكون هادئة وأن يكون الاختيار فيها ديمقراطيا، وأن يكون التنافس في سبيل العطاء لبلدتنا".

أما في "الضفة" الانتخابية الثانية، فما يجري هو "معركة تنمية ووفاء لنهج وخط المقاومة"، هكذا يصف رئيس لائحة "التنمية والوفاء" فادي نعمة المعركة الانتخابية البلدية القادمة، مشيرا الى ان الانماء والسياسة لا يفترقان فالبلدية سلطة محلية، وإنْ كانت صغيرة، تبقى متعلقة بالسياسة، بغض النظر عن تمثيل العائلات. ويسأل: "من قال انه لا يمكن العمل بالانماء ان كنا نعمل في السياسة، والعكس؟"

ويرى نعمة في حديث لـ"النشرة" أن "المنافسة حامية جدا داخل حومين الفوقا بين تحالف أمل-حزب الله، ولائحة تمثل خليطا بين مستقلين وشيوعيين وهيئات مدافعة عن الديمقراطية، قررت أن تخوض المعركة بوجه التحالف دون أن ندري الاسباب"، مشيرا الى "وجود علامات استفهام كبيرة حول ترشحهم ورفضهم لمحاولات التوافق التي عُرضت". ويضيف: "كانوا يقولون لنا ان "مصيلح" هي باب التنمية، فنسألهم اليوم، لماذا تركتكم مصيلح؟"

من جهته يؤكد شريم على ان "يوم 23 ايار هو يوم آخر، ومن المفترض ان يضع الفريق الخاسر يده بيد الفريق الرابح لأجل النهوض ببلدتنا نحو الافضل، فلائحتنا ليست ضد تحالف أمل-حزب الله بل هي منبثقة من العائلات وتعبر عن شريحة كبيرة من الاهالي، ونحن بحال فوزنا لن نترك باباً الا ونطرقه من أجل مصلحة البلدة".

يعد فادي نعمة أهل حومين أن "قريتهم ستكون مبهرة وسيتباهون بها بين القرى المجاورة"، ويعد شوقي شريم أن "قرية حومين ستكون الابرز في إقليم التفاح"، وبين هذا الوعد وذاك، تنتظر القرية يوم الأحد المقبل "معركة" انتخابية قاسية، ستكون بلا شك الاقوى بين القرى المجاورة، والاقسى في الاقليم كله.