لا تبدو حماسة المجنسين الفلسطينيين في منطقة صيدا في ​الانتخابات البلدية​ والاختيارية هذه المرة قوية، فهي على مسافة ايام قليلة من موعد الانتخاب تبدو فاترة الى حد الرغبة بعدم المشاركة والتصويت، الأمر الذي يردّه المتابعون إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشونها، إلى جانب الاحداث الامنية المتنقلة وهواجس التوتير المتوقع، اضافة الى قرار ادارة الاونروا تقليص خدماتها، ما فرض واقعاً مغايراً عن الدورات السابقة، حين كانوا مركز استقطاب للمرشحين والقوى السياسية الصيداوية الداعمة لهم على حد سواء.

ويلاقي هذا الفتور الموقف الفلسطيني الرسمي في اعتماد الحياد والوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية الصيداوية في الانتخابات البلدية في المدينة باعتبار ذلك شأناً لبنانياً داخلياً، مع ترك حرية الاختيار للمجنّس وفق قناعاته الشخصية.

القوة الثالثة في صيدا

وفق احصائية فلسطينية، فان عدد المجنسين يبلغ بين 3000–3400 صوتا، يتوزعون بين مخيم عين الحلوة ومنطقة السكة وبعض قرى الزهراني، وقد حصل هؤلاء على الجنسية اللبنانية وفق قانون التجنيس عام 1994، وسجلت نفوسهم في ​مدينة صيدا​، أيام رئاسة رفيق الحريري للحكومة ووزير الداخليّة السابق بشارة مرهج، وقد جُنس هؤلاء في عهدهما ضمن حملة لمكتومي القيد وابناء القرى السبع، اضافة الى البدو والعرب الذين ينتشرون الآن في قرى قضاء الزهراني ومنطقة القاسمية وجدرا.

وتعتبر أصوات المجنسين الفلسطينيين القوّة الثالثة في صيدا بعد الأغلبية السنية والكتلة الشيعية ومن ثم المسيحية والاقليات، بيد انها ليست كتلة موحدة تصب لصالح طرف بعينه، إذ تؤثر في قرارها الانتخابي ثلاثة قوى رئيسية هي: حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية"، "تحالف القوى الفلسطيني" وحركة "حماس" ومعها "القوى الاسلامية"، وقد اعتاد هؤلاء توزيع اصواتهم بين مرشحي تيار "المستقبل" و"التنظيم الشعبي الناصري" و"الجماعة الاسلامية" وفق قناعتهم السياسية والعقائدية.

حياد فلسطيني

ويؤكد مسؤول "حزب الشعب الفلسطيني" في لبنان غسان ايوب، الذي يعتبر مفتاحا اساسيا بين المجنسين لانه يقيم وسطهم، انه في الدورات السابقة النيابية وقبلها البلدية، كان الموقف الفلسطيني نفسه، عدم التدخل في الشأن اللبناني والبقاء على مسافة واحدة من الجميع، كي لا يقال ان الفلسطينيين فريق ضد فريق آخر.

من جانبها، تعتبر "حماس" ان الاستحقاق الانتخابي شأن لبناني ولكل مجنس حق التصويت لمن يريد، "فما يهمنا ان يبقى الوضع في المخيم في حالة استقرار أمني الى اقصى الحدود، وروحية التفاهم والتواصل بين كافة القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية عالية جدا".

وبين هذا وذاك، تدعو اوساط فلسطينية في المخيّم الذين يحملون الجنسية اللبنانية الى ممارسة حقهم بالاقتراع، على قاعدة "أيها الفلسطينيون اللبنانيون، مارسوا حقكم وحريتكم، ومارسوا لبنانيتكم بامتياز، كما تشاؤون وترون، فهذه الفريق عين وذاك عين نرى بهما".

تفهم لبناني

مقابل هذا الموقف الفلسطيني، فان القوى الصيداوية تتفهم هذا الواقع جيدا، وهي لا ترغب بزج عنصر المجنسين في المعركة الانتخابية بكل ثقلها، بعدما برهنت القوى الفلسطينية انها على مسافة واحدة من الجميع، بعيدا عن الاصطفاف السياسي الذي إنعكس بتداعياته سابقا على موقف المجنسين بين تأييد الموالاة والمعارضة اللبنانية وعلى قاعدة الاستفادة من الخدمات التي تقدم لهم.

ولا يخفي بعضهم انهم سيقترعون لمن يرون انه يحقق طموحاتهم في التنمية والخدمات، ويساهم في دفع عجلة استئناف الحوار الرسمي اللبناني الفلسطيني الذي توقف بسبب الخلافات السياسية وصولا الى اقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني على قاعدة الحقوق والواجبات.

عمومًا، يبدو واضحًا أنّ مزاج المجنسين يميل بشكل عام إلى عدم التصويت، وإن فعلوا، فإنّهم سيحرصون على توزيع أصواتهم، انطلاقاً من مبدأ الوقوف على الحياد، وهو ما يختصره أحمد فريجه بقوله: "سنصوت لصالح التنوع والتعددية في مدينة صيدا، فالدكتور أسامة سعد وقبله الراحل مصطفى والشهيد معروف سعد قدما للقضية الفلسطينية الكثير ولا يمكن ان ننسى ذلك، بينما تيار المستقبل والنائب ​بهية الحريري​ وقبلها الشهيد رفيق الحريري لم يتركا سبيلا لدعم القضية ونصرة شعبها الا وفعلاه، ونريد من كل القوى السياسية الصيداوية واللبنانية ان تدعم قضيتنا وتساهم في تخفيف معاناتنا ريثما نعود الى فلسطين".