جاءت عملية اغتيال القادة الثلاثة لـ"​كتائب القسام​" الذراع العسكري لحركة "حماس" محمد أبو شمالة، رائد العطار ومحمد برهوم في رفح جنوب قطاع غزة لتكشف عن اختراق استخباري مكّن إسرائيل من الوصول إليهم، بعد أن كانت تطاردهم منذ 20 عاماً، إذ تُعَدّ عملية الاغتيال الأولى التي ينجح فيها الاحتلال باستهداف قادة من المقاومة على المستوى العسكري، بعد أكثر من 45 يوماً من بدء ​العدوان الإسرائيلي​ على قطاع غزة.

ويؤكّد مختصون في الشأن الإسرائيلي أنّ عملية الاغتيال جاءت بعد توفر معلومات وصفوها بالسريعة لإسرائيل التي استثمرتها وعملت على أساسها جيداً، ما يؤكد أنّ "إسرائيل" فشلت في الوصول إليهم أو معرفة أي تفاصيل عنهم منذ بداية الحرب.

احتمالات وسيناريوهات

يقول المختص في الشأن الإسرائيلي ​أكرم عطالله​ إنّ مؤشرات تلقي إسرائيل لمعلومات عن قيادات المقاومة الفلسطينية بدأت منذ محاولة اغتيال القائد العام لـ"كتائب القسام" محمد الضيف الثلاثاء الماضي، ويوضح في حديث لـ"النشرة" أنّ المعلومات التي تلقتها إسرائيل هي التي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى أن يأمر الوفد الإسرائيلي المفاوض في القاهرة بالعودة إلى "إسرائيل" على الفور.

ويرى عطالله أنّ "ما حدث له علاقة بالمعلومات السريعة التي وصلت ولا يعني أن اسرائيل كانت تعرف منذ بداية الحرب عن أماكن أي أحد منهم".

ورداً على سؤال عن كيفية تحديد إسرائيل لمكانهم ووصولها إليهم، يقول عطالله: "ربما خرجوا لإعادة هيكلة التنظيم العسكري بعد أن وجّهت له إسرائيل ضربات معينة، وربما أجروا اتصالات، ولحظة تحركهم توفرت معلومات أمنية لدى إسرائيل وبناء عليها تم اغتيالهم".

تفاصيل الاغتيال

"النشرة" زارت المكان الذي تم اغتيال القادة الثلاثة فيه، وهو منزل لعائلة كُلاب في حي تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتقت بشهود عيان، إذ يقول الشاب أحمد خليفة: "في تمام الساعة الثانية والنصف فجر يوم الخميس دوى صوت انفجار عنيف جداً، وسمعنا سقوط أكثر من 7 صواريخ من الطائرات الحربية المقاتلة من طراز (F16)، حينها هرعنا إلى المكان مسرعين فهو يبعد عن المنزل أمتارًا معدودة".

ويضيف في حديثه مع "النشرة": "حين وصلنا إلى المنزل كانت النيران مشتعلة فيه، وفي منزل أبو سنيمة الملاصق له، اتصلنا بالدفاع المدني الذي جاء على الفور لإطفاء الحريق، وقمنا بإجلاء الجرحى الذين أصيبوا في المنازل المجاورة جراء تطاير الشظايا وركام المنزل من شدة القصف".

ويتابع: "جاءت طواقم الدفاع المدني وسيارات الإسعاف وبدأت تنتشل جثامين الشهداء، حتى تمكنت من انتشال آخر جثمان الخميس ظهراً، إذ أن شدة القصف أحدثت حفرة كبيرة وصل عمقها الى 7 أمتار عن أسفل المنزل المستهدف".

صمود وصبر..

وفي منزل الشهيد محمد أبو شمالة عضو المجلس العسكري لـ"كتائب القسام"، بدت معالم الحزن والأسى واضحة على وجوه النسوة اللواتي تجمّعن في المنزل، لكن ثمة وجه آخر للصمود والصبر بدا واضحاً هو الاخر من خلال حديث شقيقته عبلة أبو شمالة (52 عاماً) التي تحدثنا إليها، واخذت تقول: "أنا قمت بتربيته منذ عشرين سنة، كان مطلوباً للاحتلال لأنه يدافع عن وطنه وأرضه وأبناء شعبه، وكنا نتوقّع وعلى يقين أن تأتي هذه اللحظة الذي يدخل علينا فيها وهو شهيد".

وتضيف شقيقته "ام إبراهيم" لـ"النشرة": "محمد ترك أبناءه وزوجته وبيته من أجل القضية الفلسطينية منذ صغره، لكن القضية لن تموت بشخص محمد ولا بشخص رائد العطار ومحمد برهوم وكل الشهداء، القضية مبنية في قلوبنا، فأولادنا وأبناؤنا ومنازلنا، فداء لفلسطين والمقاومة".

وبينما كانت تتحدث شقيقته "أم إبراهيم"، صرخت بجانبها ابنته رُبا (11 عام) بصوت عالِ وقالت: "أبي كان شوكة في حلق اليهود، كانوا يتمنّون أن يصلوا له ويغتالوه، والآن زفّيناه شهيدا، أنا فخورة انه شهيد لأنه كان يتمنى الشهادة، كانت إسرائيل تهدم بيوتنا ونعيد بناءها مرة ثانية". وأضافت: "رغم كل شيء، سنثأر لدمائه ودماء كل الشهداء" .

إعداد ​محمد فروانة​ من غزة

للاطلاع على صور المكان الذي تم اغتياله فيه اضغطهنا

للاطلاع على صور تشييع القادة اضغطهنا