أكد رئيس جمعية المصارف ​جوزف طربيه​ خلال الجمعية العمومية العادية السنوية الـ54 لجمعية مصارف لبنان أنه في العام 2015، ظل الإقتصاد اللبناني على ضعفه المستمر منذ مطلع العقد الحالي بحيث تراجع معدل نموه الى نحو 1 في المئة بسبب مجموعة تطورات، بعضها داخلي، وأبرزها استمرار الفراغ الرئاسي وتعطل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبعضها خارجي، يتعلق بالأحداث في المنطقة العربية وبخاصة في سوريا. وقد انعكست هذه التطورات سلبا على الاستثمارات الداخلية والخارجية كما على حركة الاستهلاك. بيد أن استمرار تحويلات العاملين في الخارج والتسليفات المصرفية، على رغم التراجع الطفيف للأولى وتباطؤ نمو الثانية، ظلتا تساهمان، كما هي الحال دائما، في دعم الحركة الاقتصادية، مشيراً الى أنه في موازاة ذلك، تراجع وضع المالية العامة في العام 2015 قياسا على العام 2014. وقد وازى العجز العام ما نسبته 7,8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وانخفض الفائض الأولي المحقق من 2,6 في المئة من الناتج في العام 2014 الى 1,4 في المئة في العام 2015. ومن جراء ذلك، زادت المديونية العامة بحيث وصل حجم الدين العام في نهاية العام 2015 الى 70,3 مليار دولار أميركي، ما استتبع ارتفاع نسبة الدين العام الإجمالي الى 138 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل 134 في المئة في نهاية العام 2014".

ولفت طربيه الى أنه غير أن الوضع النقدي في العام 2015 بقي مستقرا، مظهرا متانة لافتة رغم دقة الأوضاع العامة في البلاد. ويعود ذلك، من جهة، الى الإمكانات الكبيرة المتوافرة لدى الجهاز المصرفي مصرف لبنان والمصارف والى الإجراءات والهندسات المالية التي اتخذها البنك المركزي، بالتعاون الوثيق مع المصارف.

وأكد انه "بالإضافة الى مساهمتنا الفاعلة في الاستقرار النقدي، فقد استمرت مصارفنا في توفير التمويل للاقتصاد الوطني بحجم كاف وبكلفة متدنية قياسا على ما هو سائد في دول تتمتع بتصنيف أفضل بكثير لمخاطرها السيادية. فقد زاد حجم القروض للقطاع الخاص بما يقارب 3,3 مليارات دولار، أي بنسبة 6,5 في المئة وزاد تمويلنا للدولة بقيمة 448 مليون دولار، وأودعنا المصرف المركزي ما يوازي 7 مليارات دولار، بما قوى احتياطاته، ولا سيما بالعملات الأجنبية، وبما انعكس استقرارا في سوق القطع. هذه الزيادة في التوظيفات البالغة 10,3 مليارت دولار خلال السنة الماضية إنما تم تمويلها من خلال نمو ودائعنا بما يزيد عن 7 مليارات دولار وزيادة رساميلنا بما يقارب المليار دولار، مع بقاء توظيفاتنا الخارجية عند مستوى 24 مليار دولار".

ولفت الى أنه وصل حجم التسليفات للقطاعين إلى ما يقارب 86 مليار دولار في نهاية العام 2015 موزعة بنسبة 44 في المئة للقطاع العام و56 في المئة للقطاع الخاص. وقد ساهم البرنامج التحفيزي الذي أطلقه مصرف لبنان في تعزيز النشاط الإقراضي، وهو شمل رزمة من السيولة للمصارف بكلفة متدنية، أفاد منها خصوصا قطاعا السكن والتكنولوجيا، إضافة الى حوافز معطاة لتسليف اقتصاد المعرفة بضمانة من المصرف المركزي، موضحاً أنه "على صعيد المهنة المصرفية، فقد تعاونا مع مصرف لبنان لتطبيق مندرجات اتفاقات لجنة بازل للرقابة المصرفية، عبر تحقيق إلتزام المصارف العاملة في لبنان بمستوى من الملاءة يتخطى المعدل المطلوب عالميا، وقد بلغ 15,1 في المئة في نهاية العام 2015. وتبرر المخاطر العديدة والعالية المحيطة بنا الجهد الترسملي الإضافي الذي ارتضيناه. كما تبرر هذه المخاطر معدلات السيولة العالية التي نحتفظ بها قياسا على المعايير الدولية، مع كامل إدراكنا لإنعكاس هذه السيولة العالية على معدل ربحية توظيفاتنا. لكن سلامة أموال مودعينا ومساهمينا تتقدم على أي اعتبار آخر، بما فيه الربحية".

وأشار طربيه الى "أننا نشاطر اللبنانيين عموما وسائر الهيئات الاقتصادية خصوصا الدعوة الى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية من أجل استقامة الحياة السياسية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، والى متابعة الحوار الوطني حول القضايا الجوهرية العالقة بين مختلف القوى السياسية ومكونات النسيج المجتمعي اللبناني، درءا لمزيد من الأخطار وحرصا على السلم الأهلي والإستقرار الأمني وتفعيل أداء مؤسسات الدولة وتنشيط الحركة الإقتصادية وتزخيم النمو المتوازن والمستدام في البلاد"، مؤكداً "اننا نود أن نشكر مجددا اللبنانيين جميعا لمشاطرتهم إيانا في إدانة واستنكار عملية التفجير التي تعرض لها أخيرا "بنك لبنان والمهجر"، والتي اعتبرها مجلس إدارتنا في حينه اعتداء على القطاع المصرفي بأكمله. وإننا نهيب، على هذا الصعيد بالسلطات والأجهزة القضائية والأمنية كشف الفاعلين وإحالتهم الى العدالة".