تميل مصادر سياسية الى الاعتقاد بأن خيارات رئيس تيّار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ أصبحت محدودة، خاصة بعد ان كشف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ ​نعيم قاسم​ عن التفاهم الذي تمّ مع تيار المستقبل للنزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون رئيسا في شهر اب الماضي، لكن جرى الإخلال بالاتفاق، لأنّ المملكة العربية السعودية جدّدت الفيتو على وصول عون الى قصر بعبدا.

ورأت المصادر أن أمام الحريري، خصوصًا مع وجود معطيات تشير الى أن الرياض رفعت يدها عن الملفّ اللبناني، خيارات محدودة وأحلاها مر:

1-إما العودة الى لبنان وانتهاج سياسة شبه مستقّلة عن المملكة، والسعي الى التفاهم مع عدد من المكوّنات السياسيّة اللبنانية الاساسيّة (لا سيّما حزب الله) والتي لها كلمة وازنة في كل الاستحقاقات وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، وبالتالي فتح طريق وصوله الى رئاسة الحكومة.

2-إمّا الانتظار اكثر فأكثر ليتأكّد من الموقف السعودي تجاهه ماليًّا وسياسيًّا، إضافة الى موقفها النهائي من الملف اللبناني، مع اعتقاد البعض بأنّها لم تعد مهتمة بلبنان، وهذا أمر صعب لأنّ طريقة السعوديين في التعامل مع حلفائها خاصة متى كانوا يحملون جنسيتها، ومتى ارتبط تاريخهم المالي والسياسي بهم ارتباطا وثيقا، مبنية على كلمات أو أجوبة غير واضحة مثل "أبشر"، أو غيرها من المفردات التي لا تشفي غليل السائل.

ولفتت المصادر الى انه بانتظار ان يقرر سعد الحريري خطواته المقبلة فإن كتلته النيابية بدأت تتفكّك مع جنوح عدد من النواب المسيحيين الى الانسحاب منها، او أقلّه عدم الموافقة على كل ما يتقرّر في بيت الوسط، مشيرة الى أنّ السجال الحاصل بين نواب من المستقبل ونواب من ​القوات اللبنانية​ هو ليس بداية الطريق، بل نهاية التحالف القواتي-المستقبلي، وربما ستتبلور هذه الصورة أكثر فأكثر مع إمكانية توافق رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانيّة" ​سمير جعجع​ على خطوات تصعيديّة في الشارع مهّدت لها التصريحات الأخيرة لرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجيّة جبران باسيل الاخيرة.

وتضيف المصادر، بأن ظاهرة وزير العدل المستقيل اللواء ​أشرف ريفي​ لم تعد مسألة خلاف في وجهات النظر بينه وبين الحريري، بل تطورت الى امور جوهرية وصلت الى مرحلة التحدّي الذي مارسه ريفي في انتخابات طرابلس ولم يتوقّف عنده، وسط معلومات بأنه يتلقى دعما من دولة خليجية تدور في فلك الرياض.

وتعتقد المصادر أنّ بقاء الحكومة او ذهابها لم يعد بيد الحريري او تيّار المستقبل بل هو في يد حزب الله، الّذي اذا قرر مقاطعة جلسات الحكومة يصبح النصاب مفقودا، وبالتالي لن يكون لها قدرة على العمل، لذلك يعتمد المتمسّكون بآخر مؤسسة دستورية على الاتصالات التي يجريها الحزب لإنقاذها من السقوط.

ولاحظت مصادر نيابيّة كانت في عِداد الذين حضروا جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة (يوم أمس)، أنّ تفككًا داخل القوى السياسية بدأ يظهر، وسببه عدم وجود رؤية واضحة لدى الجميع عمّا يمكن أن تحمله الأشهر المقبلة من مفاجآت سياسية وعلى الصعد كافّة.

وقالت المصادر ان موقف الحريري الغامض هو من أهمّ الأسباب التي عقّدت الأمور ووضعت البلاد في إمكانية التعطيل الشامل، مع ورقة النعي التي صدرت بحقّ الحوار الوطني المعلّق، يُضاف الى ذلك أنّه إذا لم تتم معالجة الأزمة الحكوميّة ونجح فريق من المسيحيين بتنفيذ جزء من تهديداته، فإنّ لبننة الوضع تكون قد انتهت فعليا، وعلى اللبنانيين انتظار عددٍ من العواصم لتعاود الاهتمام بلبنان، وهذا لن يحصل اليوم أو غدا بسبب انشغالها بأمور أهم غير ناضجة بعد للحل.