يطل الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد القيادي في "حزب الله" حاتم حمادي غداً، وسيتحدث بجملة ما سيتحدث به عن الاستحقاق الرئاسي بعد تأييد الرئيس سعد الحريري لترشيح العماد ميشال عون. وهذا الترشيح عقّد المسائل الداخلية الى درجة كبيرة وفق مطلعين على المحادثات التي تجري. ونصرالله بالطبع لن يستطيع تجاهل خطوة الحريري، لكنه سيترك الامور للمباحثات الفاصلة قبل جلسة اواخر الجاري الرئاسية فما زال امامنا عشرة ايام بطولها وعرضها وهي قابلة للاخذ والرد. ما يعني ان نصرالله سيعيد التأكيد على صوابية خيار ترشيح عون وخوض معركته حتى النهاية. ومن لا يعرف ادبيات "حزب الله" تجاه عون، تقول هذه المصادر، ان التمسك بعون ليس فقط لانه ثبت مع المقاومة منذ تفاهم مار مخايل في العام 2006 وعدوان تموز وما بعده وصولاً الى وقوفه الى جانب محور الممانعة المقاومة في الدفاع عن سورية ضد الارهاب التكفيري. وتأكيد عون منذ فترة امام لقاء موسع من احزاب 8 آذار صوابية التحالف مع هذا الخيار وصوابية قناعاته بأنه سينتصر في النهاية وسيغيّر المعادلات في المنطقة والعالم وحتى خريطة التحالفات الدولية. وهذا الوفاء من عون تقابله ميزة اخرى عند "حزب الله" انه مرشح للرئاسة عكس رغبة الاميركيين الذين يريدون جان عبيد، وابلغوا السعوديين بذلك وبقوا "يمرجحوا" باللبنانيين عامين ونصف العام. لذلك نصرالله و"حزب الله" مطمئنان الى سير الامور مع عون وسيبذلان الجهود اللازمة لتذليل كل العقبات امام ترشيحه، لكنهم يطلبون من عون ان يكمل مسيرته الانفتاحية في اتجاه الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والنائب سليمان فرنجية وهذا ما سيحدث في الايام المقبلة بعد زيارة عين التينة امس الاول.

ورغم ان هذه المصادر تبدي تفاؤلها بتذليل العقبات قبل جلسة الـ31 الجاري، لكنها تتخوف من التعقيدات التي تكمن في التفاصيل، وتؤكد ان عدم سير بري في ترشيح عون وعدم الاقتراع له واصراره على البقاء في صفوف المعارضة اي خارج الحكومة سيعقد المشهد وسيدفع بـ"حزب الله" الى التضامن مع بري وسيخرج معه من الحكومة. فهل من الممكن ان تشكل حكومة من دون الطائفة الشيعية؟ وهل يتحمل البلد حكومة بلا طائفة بكاملها؟ وهل ممكن تشكيل حكومة واكمال العهد في ظل هذه التعقيدات بالاضافة الى وجود نسبة كبيرة ما يقارب الـ40 في المئة من مجلس النواب يعارضون عون. وعون يؤكد منذ اليوم الاول لترشحه انه لن يذهب الى جلسة انتخابه رئيساً الا توافقياً، اي بتأييد الغالبية السياسية والنيابية.

وعن جنبلاط تؤكد المصادر ان جنبلاط ليس ضد انتخاب عون وهو يؤيد ذلك بما ان القوى الاساسية اصبحت تؤيده اليوم، لكنه لن يفرض على نواب "اللقاء الديمقراطي" مروان حمادة وهنري حلو وفؤاد السعد ضرورة انتخاب عون او غيره. فالقرار لهم لكنه يضمن اقتراع اعضاء كتلته من الحزبيين معه لمصلحة عون.

في المقابل ينتقد اخصام "حزب الله" التلطي وراء رفض بري وتردد جنبلاط وباقي القوى التي تسمي نفسها وسطية بالاضافة الى بعض النواب المستقلين. ويرى هؤلاء ان "حزب" الله لا يريد رئيساً في هذه الفترة وينتظر انهاء كل مشاغله وحسم الامور في سورية ليأخذ قراره. وهو لا يريد عون رئيساً في الاصل لانه يعتبره خارج السيطرة وعصي على التطويع. وحتى اذا سارت الامور لمصلحة عون ولم يسر بري به، فإن بقاءه في المعارضة لمصلحة الحزب، فمعارضة بري تعني لجم عون وابقاءه تحت السيطرة.

وفي الموازاة ايضاً ترى اطراف سياسية اخرى ان بري وجنبلاط رجال سلطة بامتياز ويعملان ببراغماتية عالية، فهما صديقا كل العهود ولم يتغيبا عن اية حكومة منذ الطائف حتى اليوم. فما نشهده من صوت مرتفع منهما وخصوصاً من بري هو تظهير موقف وللضغط على عون والحريري معاً لتقديم مزيد من التنازلات. فبري سيحصل على كرسي رئاسة مجلس النواب مرة جديدة وسيكون له رأي كبير في قانون الانتخابات ولن يجري اي تعيين الا بموافقته وستراعى حصته فيه. فماذا يخسر اذا بقي في المعارضة سوى بعض المقاعد الحكومية، وبما ان "حزب الله" لا يشارك في اية حكومة ليس فيها حركة امل يعني ان بري سيشارك حتماً. اما فرضية ان حكومة عهد عون الاولى ستكون بلا طائفة شيعية فمزحة سخيفة ولن تحدث.

وعليه تسير كل الامور الى النهاية السعيدة لعون والى تحقيق رغبته القديمة الجديدة بان يختم حياته السياسية في قصر بعبدا رئيساً وبإجماع غالبية القوى الاساسية، ما يعني ان امامنا 10 ايام للجلسة الفاصلة. فإذا لم ينتخب عون او لم تعقد الجلسة فربما تتأجّل اسبوعا اضافياً او اننا امام "فوضى جديدة" خلاقة ستعكر البلد شهرين او ثلاثة.