قبل أيام قليلة من موعد جلسة انتخاب الرئيس الثالث عشر بعد الاستقلال، تستمر النقاشات بين الافرقاء اللبنانيين حول هذا المرشح وذاك، وحول التحالفات الجديدة التي بنيت، وقد تحدد شكل الحكم في المرحلة المقبلة. واللافت أن الحديث السياسي إنحصر في الآونة الأخيرة في عدد من الأحزاب كحركة "أمل" و"حزب الله" وتيار "المستقبل" والتيار "الوطني الحر" وحزب "القوات" والحزب "التقدمي الاشتراكي"، وكتبت المقالات حول آراء هذه الاحزاب حصرا، ولكن ماذا عن باقي الأحزاب اللبنانية وتحديدا من قوى ​8 آذار​، وما هو موقفها؟

في ظل التركيبة السابقة للتحالفات في لبنان وانقسام الاحزاب بين معسكري 8 و14 آذار استطاعت الاحزاب الصغيرة أو تلك العابرة للطوائف ان تحجز مكانا صغيرا لها في المجلس النيابي، فكان لحزب "البعث" نائبان ومثلهما للحزب "السوري القومي الاجتماعي"، ونائب واحد للحزب "الديمقراطي اللبناني".

بعد سقوط تسمية 8 و14 اذار وتبدل التحالفات والحديث عن اتفاقات وصفقات "انتخابية" أصبحت هذه الاحزاب في "مهبّ الريح". من هنا يرفض مدير الاعلام في الحزب الديمقراطي اللبناني جاد حيدر أن "يكون وصول أي رئيس مهما كان قريبا منا على حساب قانون انتخاب عصري على أساس النسبية". ويضيف حيدر في حديث لـ"النشرة": "نحن نتقصد عدم اعلان موقف نهائي لأنّ المشاورات مع الحلفاء لم تنته بعد"، مشيرا الى ان رئيس الحزب طلال ارسلان لا يخجل بمواقفه واذا وصلنا لجلسة الانتخاب بظل وجود مرشحين إثنين فسيعلن إرسلان موقفه بوضوح، مشددا على رفض أي اتفاقات ثنائية وثلاثية ورباعية لأن البلد يقوم بمشاركة الجميع.

لم يخف نائب حزب "البعث" موقفه من الملف الرئاسي، فعاصم قانصو قد أكد دعم الحزب لرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ومعارضته لوصول رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري لرئاسة الحكومة. ولكن ألا يعبر حزب البعث عن الموقف السوري؟. تقول مصادر ان قانصو لا يعبّر عن موقف "البعث" أصلا بل هو موقفه الشخصي، فقاسم هاشم يملك موقفا أيضا وهو القريب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، اما بالنسبة للموقف السوري، فتشير المصادر الى ان كلَّ من قصد الرئيس السوري بشار الأسد لسماع رأيه بالملف اللبناني تمّت إحالته لأمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله.

وكما الديمقراطي اللبناني وحزب البعث، كذلك الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي بقي موقفه ضبابيًّا من الاستحقاق الرئاسي، بحجّة "إجراء الاتصالات". وهنا تشير المصادر الى أنّ ما يسمى بـ"الأحزاب الوطنية" التي كانت منضوية تحت لواء فريق 8 آذار تأمل أن يتم الاتفاق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" الجنرال ميشال عون، لأن اتفاقا كهذا من شأنه أن يخرجها من المأزق الذي تواجهه بظل استمرار ترشيح سليمان فرنجية. وتضيف المصادر: "لا يمكن لهذه الأحزاب أن ترضى بوجود اتفاقات ثنائية بين تيار "المستقبل" و"الوطني الحر" وخصوصا حول مسألة القانون الانتخابي لأنّ أي انتخابات على اساس قانون الستين وبظل التحالفات الجديدة من شأنها أن تخرجهم نهائيا من الندوة البرلمانية".

وترى المصادر أن هذه الأحزاب تعيش بين "مطرقة" معارضة "حزب الله"، و"سندان" معارضة بري والقبول بعون مع احتمال "نفيها" من الحياة السياسية اذا ما صحّت المعلومات عن الاتفاقات المعقودة، وبالتالي فإنّ الحل الأمثل لها يتمثل إما بتأجيل البتّ بالرئاسة، وإما بالاتفاق بين بري وعون، ولذلك فهي تنتظر حتى اللحظات الأخيرة قبل ان تقدم موقفها النهائي. وتكشف المصادر أنه بحال فشلت مساعي التوافق بين الرجلين المذكورين، وانتخاب عون رئيسا للجمهورية فستكون هذه الاحزاب في موقع المعارضة تحت لواء رئيس المجلس النيابي.

تعاني الأحزاب البعيدة عن الطوائف من صعوبات "الحياة" في لبنان، فالقوانين الانتخابية الماضية رُسمت لأجل "الاحزاب الطائفيّة"، واليوم تجد هذه الأحزاب نفسها أمام خيارات صعبة، قد يكون أحلاها مرّا.