لم تمر إلا ساعات قليلة على إعلان وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ جهوزية الوزارة لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها على أساس قانون الستين، وعدم جهوزيتها لهذا الإستحقاق إذا تغيّر القانون، حتى قالها عضو اللقاء الديمقراطي وزير الزراعة أكرم شهيب، "نحن مع إجراء الإنتخابات في موعدها وضد التمديد لمجلس النواب".

هي الرسالة التي أراد النائب ​وليد جنبلاط​ تمريرها على لسان وزير الزراعة، في زمن طغى فيه الحديث عن الإنتخابات النيابية على أي حديث آخر وحتى على عملية تشكيل الحكومة وعقدها. رسالة تفسرها المصادر المقربة من الزعيم الدرزي على الشكل التالي: "يفضّل جنبلاط إجراء الإنتخابات في أيار المقبل ولو على قانون الستين، على التمديد ولو لأشهر لإقرار قانون جديد يجمع بين النظامين النسبي والأكثري". وفي شرح مفصل لهذه الرسالة، يقول العارفون بكواليس المختارة، "حتى لو أن إجراء الإنتخابات على أساس قانون الستين، سيفرض على جنبلاط إبرام تفاهم إنتخابي مع تحالف التيار الوطني الحر و​القوات اللبنانية​، وبطبيعة الحال مع تيار المستقبل، فهو مستعد لهذا التفاهم أو التحالف، أكثر بكثير من ذهابه الى قانون جديد مجهول الشكل وتوزيع الدوائر، ومجهول النتائج، والأهم، بالنسبة الى الحزب الإشتراكي، مجهول هوية من سيدير المفاوضات من موقع القوة بين الأفرقاء، وهذا ما يحدده شكل الدوائر الإنتخابية".

إذاً يفضل "البيك" قانون الستين على التمديد الموقّت والقانون الجديد أما أسبابه، فيلخصها مصدر بارز على الشكل التالي:

أولاً-يريد جنبلاط الإنتخابات اليوم قبل الغد لتسليم موقعه النيابي الى نجله تيمور، وهذا ما كان يريد تنفيذه منذ سنوات وتأخّر، لو ساعدته ظروف الإنتخابات الفرعية في حينها.

ثانياً-في إنتخابات على أساس قانون الستين، يستطيع جنبلاط بتفاهم مع تيار المستقبل، أن يفاوض التيار والقوات من موقع القوة، حتى لو أن هذه المفاوضات ستدفعه الى تقديم تنازلات لا سيما في ما يتعلق بالمقاعد المسيحيّة في دائرتي الشوف وعاليه، بينما إذا تغيّر القانون الإنتخابي وقسّمت دائرتا الشوف وعاليه الى أكثر من دائرة، أو إذا إعتمدت النسبية في هاتين الدائرتين، اللتين يعتبرهما جنبلاط عرينه الإنتخابي، عندها يفقد عامل القوة في التفاوض، ويصبح حجم التنازلات التي يجب عليه أن يقدمها مسيحياً أكبر من حجمها في ظل إعتماد قانون الستين.

إنطلاقاً من كل ما تقدم، يقارب النائب جنبلاط الإنتخابات النيابية المقبلة، همّه الأول من هذه المقاربة، نقل اللوحة الزرقاء الى نجله، وهمه الثاني هو الحفاظ على كتلة نيابيّة وازنة تضم نواباً من كل الطوائف حتى لو تراجع عدد نواب كتلته الحالية، أما همه الثالث فعدم الدخول بصدامات إنتخابية طائفية ومذهبية مع التيار والقوات في الجبل ولا مع أي فريق آخر، كل ذلك مع الحفاظ على قاعدة البيت الدرزي خط أحمر، والمقصود جنبلاطياً هنا، وبالتأكيد النائب ​طلال أرسلان​، لا الوزير السابق ​وئام وهاب​ وسراياه المعلنة حديثاً.